نبض الدار
tahiraallawati@gmail.com
سألته عن باب الخروج ونحن في المركز الوطني للاورام بالمستشفى السلطاني، دلني على الباب ، ثم استوقفني وقال لي هل ممكن أن أتحدث معك قليلا ؟ أجبته بالايجاب ، قال لايوجد ماهو أصعب وأشق على النفس من إصابة فرد في أسرة ما بالمرض الخبيث ، والاصعب منه عندما تتلقى أسرته الخبر من الطبيب ، فقد يكون طفلا انتظر والداه ولادته طويلا ، وقد يكون شابا يافعا مليئا باحلام الشباب ، وقد تكون زوجة في ريعان الشباب ، وقد يكون زوجا وأبا لأطفال ، وقد يكون إبنا لوالدين كبيرين في العمر ، وهو عمدة حياتهما . توقف لحظة ثم اكمل : تصوري معي كل هذه العلاقات الاسرية المشتبكة ، وعواطفها الجياشة ، ثم يكون على أسرته ان تتلقى خبر إصابة عزيزهم بالمرض الخبيث مرة واحدة وببرود ؛ فالاطباء في مركز الاورام يرمون حقيقة المرض لنا ببرود ومباشرة .وعندما تلقينا خبر اصابة طفلتنا فقدت زوجتي وعيها وسقطت أرضا ، واحتاجت معونة طبية كي تستعيد نفسها . وشهدت عددا من الحالات بنفسي ، منهم شيخ كبير في السن عندما اخبروه عن ولده الشاب، سقط أرضا مغشيا عليه . والبعض قد يقضي عليه الخبر لإصابته بنوبة قلبية، او ارتفاع ضغط الدم المفاجئ بسبب الصدمة.
ثم تساءل لماذا لا يتواجد أخصائي نفسي ينقل الخبر بطريقة مهنية ومتدرجة وغير صادمة لأسرة المريض ، أليس ذلك من حقنا ؟
كان محقا تماما في كلامه ، فما أقسى وقع الصدمة على النفس ، وآثارها الخطيرة؟
ان وجود اخصائيين نفسيين في مركز الأورام حاجة أساسية كوجود الاطباء ، سواء لتوصيل الخبر الى اسرة المريض ، وثم مهارات تعاملهم معه ، أو مع المريض نفسه ، فالمريض يعيش أصعب لحظات حياته ، وكل لحظة ايجابية هي طاقة تجعله اكثر قوة لمواجهة المرض والتغلب عليه ، وكل لحظة سلبية او تشاؤم قد تقربه الى الموت ، ناهيك عمن يصل الى المستشفى وقد تقدم به المرض ، ولم يبق الا ان يكون مستعدا لمواجهة لحظاته الأخيرة برباطة جأش وقوة نفسية ، ومواجهة اسرته هذه اللحظات القاسية والخطيرة ، فللموت تبعات عاطفية ونفسية وحياتية ومعيشية عليهم.
نشر في جريدة عمان الثلاثاء 26 مارس 2019م
tahiraallawati@gmail.com
سألته عن باب الخروج ونحن في المركز الوطني للاورام بالمستشفى السلطاني، دلني على الباب ، ثم استوقفني وقال لي هل ممكن أن أتحدث معك قليلا ؟ أجبته بالايجاب ، قال لايوجد ماهو أصعب وأشق على النفس من إصابة فرد في أسرة ما بالمرض الخبيث ، والاصعب منه عندما تتلقى أسرته الخبر من الطبيب ، فقد يكون طفلا انتظر والداه ولادته طويلا ، وقد يكون شابا يافعا مليئا باحلام الشباب ، وقد تكون زوجة في ريعان الشباب ، وقد يكون زوجا وأبا لأطفال ، وقد يكون إبنا لوالدين كبيرين في العمر ، وهو عمدة حياتهما . توقف لحظة ثم اكمل : تصوري معي كل هذه العلاقات الاسرية المشتبكة ، وعواطفها الجياشة ، ثم يكون على أسرته ان تتلقى خبر إصابة عزيزهم بالمرض الخبيث مرة واحدة وببرود ؛ فالاطباء في مركز الاورام يرمون حقيقة المرض لنا ببرود ومباشرة .وعندما تلقينا خبر اصابة طفلتنا فقدت زوجتي وعيها وسقطت أرضا ، واحتاجت معونة طبية كي تستعيد نفسها . وشهدت عددا من الحالات بنفسي ، منهم شيخ كبير في السن عندما اخبروه عن ولده الشاب، سقط أرضا مغشيا عليه . والبعض قد يقضي عليه الخبر لإصابته بنوبة قلبية، او ارتفاع ضغط الدم المفاجئ بسبب الصدمة.
ثم تساءل لماذا لا يتواجد أخصائي نفسي ينقل الخبر بطريقة مهنية ومتدرجة وغير صادمة لأسرة المريض ، أليس ذلك من حقنا ؟
كان محقا تماما في كلامه ، فما أقسى وقع الصدمة على النفس ، وآثارها الخطيرة؟
ان وجود اخصائيين نفسيين في مركز الأورام حاجة أساسية كوجود الاطباء ، سواء لتوصيل الخبر الى اسرة المريض ، وثم مهارات تعاملهم معه ، أو مع المريض نفسه ، فالمريض يعيش أصعب لحظات حياته ، وكل لحظة ايجابية هي طاقة تجعله اكثر قوة لمواجهة المرض والتغلب عليه ، وكل لحظة سلبية او تشاؤم قد تقربه الى الموت ، ناهيك عمن يصل الى المستشفى وقد تقدم به المرض ، ولم يبق الا ان يكون مستعدا لمواجهة لحظاته الأخيرة برباطة جأش وقوة نفسية ، ومواجهة اسرته هذه اللحظات القاسية والخطيرة ، فللموت تبعات عاطفية ونفسية وحياتية ومعيشية عليهم.
نشر في جريدة عمان الثلاثاء 26 مارس 2019م
0 تعليقات