حكاوى صباحية


وردتني رسائل الكترونية ممن يقول أن التعليم العماني بلا منجزات، وذلك ردا على مقالي للاسبوع الفائت . وللواقع والحقيقة والتاريخ  يخطئ من يظن ان التعليم العماني بلا منجزات كبيرة ومشهودة . فقد كان  تطوير التعليم الذي وجه به جلالة السلطان حفظه الله وأيده في التسعينيات ، والرعاية والعناية التي قدمها لهذا التعليم المطور ، والذي استقبلت به السلطنة الألفية الثالثة ، والملايين الكثيرة التي ضخت وماتزال لاتمام هذا البرنامج ، والجهود المضنية التي بذلت من القيادة الى القاعدة العريضة من المعلمين لتطبيق هذا البرنامج ، وجعله واقعا يوميا معاشا للطالب العماني. حقق ان الصف الدراسي لايزيد عن 35 طالبا ،وان تلغى المدارس المسائية ببناء مئات ومئات المباني المدرسية الجديدة ،  ، وان يدخل الطفل الى عالم التقنية والحاسوب ، وتزود المدارس بمراكز مصادر التعلم بدل المكتبات الكلاسيكية ، وان تخطو الوزارة بثقة الى الحكومة الالكترونية على صعيد المدارس وديوان عام الوزارة ، وتسبق الكثير من الوحدات الحكومية ، وان تدرس مادة المهارات الحياتية التي تعطي فرادة للتعليم العماني ، وان تصبح السلطنة بيت خبرة لتدريس هذه المادة في دول الخليج ، وان يعاد النظر في استراتيجيات التعليم تماما ليتمحور حول الطالب ، وان تبنى مناهج جديدة للتعليم الاساسي ، وان يعاد النظر في نظام التقويم الكلاسيكي لصالح الطالب ، وان تدرس اللغة الانجليزية من الصف الأول ، وان يتم الاهتمام بمناهج البحث بتركيز كبير ، وان يدخل الى قاموس الطالب نظام المواد الاساسية والاختيارية ، وان ينشأ نظام التوجيه المهني في المدارس ، وأن يتم البدء في تعزيز الكوادر المدرسية وزيادتها ، وأن تصدر عشرات الاصدارات والدوريات للمعلم والمختص التربوي ، وان ترصد مبالغ ضخمة لتدريب المعلم العماني ....الخ

قفزات كبيرة ، ومع هذه القفزات فان المراجعة والتقييم والتطوير عملية ملازمة وضرورية ، فكل عمل نقوم به مهما كان رائعا وعظيما في حاجة للمراجعة والتقييم والتقويم والتطوير ، فهي عملية ضرورية وأساسية ودائمة ، وهذا لايلغي أبدا قيمة ماتحقق بل يرسخه ويعززه ويدعمه .

وعندما ارتفعت الأصوات بان هذا التعليم فاشل،  ويحتاج الى البدء من جديد ؛ فانها للأسف أصوات ظلمت وزارة التربية والتعليم ، وظلمت وطنها وتعليمه  ؛ وظلمت نفسها من حيث لاتدري .

فقد أثبت التعليم العماني أنه جدير بالثقة ؛ فأصبح أغلب خريجو هذا التعليم المستجدون بجامعة السلطان قابوس يجتازون اختبارات القبول فيها وفي غيرها من الجامعات المحلية بدون السنة التأسيسية . وعندي مايشبه اليقين ان وزارة التعليم العالي اذا فرضت امتحانات القبول على الجامعات الغربية التي نبتعث اليها طلابنا ، فان الكثير منهم سيجتازها دون دراسة السنة التاسيسية.  ولن أفشي سرا اذا قلت أن التعليم الحكومي عندنا أفضل من التعليم الخاص ، وليطلع من يرغب على نتائج الثانوية العامة كل عام ولعشر سنوات قبل أوأكثر ؛ ليكتشف ان الذين كانوا يحوزون 99,9 هم أبناء المدارس الحكومية .  وليطلع من يرغب على تقارير المنظمات الدولية حول برنامج تطوير التعليم العماني ، ويقرأ الاشادات التربوية الدولية  والعربية والخليجية.

فقط .. أتمنى من كل قلبي أن يعاد النظر في وضع المعلم المالي وترقياته الوظيفية، فقد أصبح الأمر ملحا ، ولابد من تسوية سريعة مرضية للمعلم، ولاأظنه سيغالي في طلباته اذا تم اشراكه في هذه التسوية ، وأن يوضع نظام مساءلة تربوي واضح وحازم ، وان تنشأ جمعية أونقابة للمعلم. حتى لانخسر  ال90 %  الذي تحقق في التعليم العماني لأجل ال10% . وللأسف هناك أصوات غريبة ترتفع وتقول ؛ يجب أن نبدأ تطوير التعليم من جديد ،وترغب بأن تضخ ملايين أخرى كثيرة في هذا المنحى ، وترغب بأن تأتي عشرات بيوت الخبرة الأجنبية للبدء من جديد ، وأن نلقي جانبا كل هذا الانجاز الذي تحقق على أيد عمانية تعبت بذلت وأعطت لتطوير التعليم العماني، واستعانت بالخبرات وبيوت الخبرة اللازمة من شرق العالم وغربه . ان التقييم والمراجعة والتقويم والتطوير عملية ضرورية وأساسية وملازمة أمس واليوم وغدا وكل يوم ، لكن البدء من جديد في تطوير التعليم عملية غريبة ومريبة . ان هذه الملايين أولى بها المعلم ليشعر بالرضا الوظيفي ، ويعود الى مابدأه بجد واجتهاد واخلاص وحب لمدرسته وتلامذته .

tahiraallawati@gmail.com