نبض الدار
http://omandaily.om/?p=189306
نحتفل هذه الأيام بمولد النور، مولد سيد الأنام رسولنا محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم، فكل عام وانتم بخير. 
امتلأت وسائل التواصل بخبر مفاده أن عام 2015 سيتكرر فيه المولد النبوي مرتين، في بداية العام ونهايته، على اعتبار أن السنة الهجرية أقصر من السنة الميلادية ب11 يوما. البعض رآها فرصة للإجازة فقط، والبعض اعتبرها سنة مباركة تبدأ وتختتم بمولد النور الشريف.
مهما قرأنا في سيرة رسولنا الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه وآله نكتشف اننا بعد لم نحط بكل حياته ومواقفه وسيرته العظيمة،  نقرأ عن غار حراء لكن الكثير منا لايعرف أن رسول الله كان يقطع حوالي 4 كيلومترات بعيدا عن منزله ليصل إلى هذا الغار الذي يعلو جبل النور، ويرتفع حوالي 600 متر عن سطح الأرض،  وأنه عندما كان يجلس في الغار فإنه يكون بمواجهة الكعبة الشريفة، مشرفا عليها من عل وبعيد، وان مكة القديمة كلها تظهر للجالس في الغار، بينما السماء تحيط به والأفق يمتد أمامه بلا نهاية في هدوء قدسي لايشوبه ازعاج البشر وأنانياتهم وأصنامهم الداخلية والخارجية التي كانوا يعبدونها. أعواما طويلة بأيامها ولياليها واضب فيها رسول الله على الذهاب إلى هذا الغار بدون كلل أو ملل كي يتعبد، وكي يكون قريبا من الملكوت الإلهي، ذلك القرب الذي انتهى بنزول الوحي جبريل "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم الإنسان بالقلم علم الإنسان مالم يعلم" 
إن الجمادات لها قصة مع رسول الله، فإذا كنا نعرف ان الاسلام اول من نادى بالرفق بالحيوان،  فإن للجمادات قصة عظيمة مع الإسلام.  فكان جبل النور وغار حراء ، اما جبل ابي قبيس الذي يقع شرق المسجد الحرام قريبا من الصفا فقام رسول الله عنده بواحدة من أكبر معاجزه عندما طالبه بعض عتاة مكة الكفار بمعجزة يؤكد فيها نبوته، فطلبوا منه القيام بمعجزة شق القمر وهو بدر كامل،  وبحيث يطلع من هم خارج مكة على هذه المعجزة، فقام رسول الله بدعاء الله تعالى فانشق القمر نصفين نصف على جبل أبي قبيس ونصفه الآخر على مكان آخر،  وقد بانت حراء بينهما. ويأتي بعد ذلك الركبان من خارج مكة ليحكوا مشاهدتهم انشقاق القمر . 
وقد أحب رسول الله جبل ابي قبيس واعتبره أحد أخشبيي مكة،  فهو الجبل الذي أنشأه الله تعالى مع نشوء الأرض قبل أكثر من 4 مليار سنة، لدى دحو الأرض من تحت الكعبة المشرفة. الكعبة التي تقع قبالة البيت المعمور في السماء السابعة، فهي بيت الله في الأرض،  فكان الرسول وآله، من أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. 
ولاينتهي دور جبل ابي قبيس عند هذا الحد، فهو الجبل الذي نزل عليه آدم عليه السلام من الجنة.  وطلب من الله تعالى أن يونسه بايناس الجنة فأنزل الله تعالى له ياقوتة من الجنة،  وهو الحجر الأسود. فوضعه النبي آدم في ركن البيت الحرام الذى بناه وطاف حوله لله تعالى.  ذلك الحجر الذي أثبتت المختبرات البريطانية انه ليس من صخور مجموعتنا الشمسية وان به نشاط اشعاعي غير مالوف.  ان الحجر الأسود حسب الأحاديث النبوية يسجل اسم كل من يسلم عليه أو يشير إليه من الحاج والمعتمرين الطائفين بالبيت الحرام. وفي حديث صحيح عن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وآله:"ان الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولو لم يطمس الله نورهما لأضاءتا مابين المشرق والمغرب." أما المقام فهي الصخرة التي وقف عليها النبي ابراهيم عليه السلام وهو يبني البيت الحرام، فاحتفظت بآثار قدميه إلى اليوم. وعندما نطوف في الحج أو العمرة فإننا نبدأ من الركن وننتهي عنده.  وثم نصلي ركعتي الطواف عند مقام إبراهيم. 
وقد سمى نبى الله آدم جبل أبي قبيس بهذا الاسم لاقتباسه النار اول مرة من مرختان انزلهما الله تعالى فيه.  ولدى غرق الأرض بطوفان نوح عليه السلام استودع الحجر الأسود في ابي قبيس إلى أن أتى النبي ابراهيم واعاد بناء البيت، فناداه جبل ابي قبيس كي يأخذ أمانته وهو الحجر الأسود ويعيده إلى ركن البيت الحرام.  
وهناك قصة أخرى مع جبل أحد في المدينة المنورة، ذلك الجبل الذي احتضن معركة أحد، ومايزال يحتضن قبور شهداء أحد الكرام. وقد قال عنه رسول الله "هذا جبل يحبنا ونحبه..."ولاننسى غار ثور وجبله ،  ذلك الغار الذي لاذ به رسول الله عندما كان كفار قريش يجدون في طلبه كي يقتلوه، وكانت معجزة العنكبوت والحمامة. 
ان علاقة الإنسان وأنبياء الله بالجمادات ومعهم الحبيب المصطفى الذي سبحت الحصوات في كفه الشريفة، لايزال العلم الحديث لايعرفها ولايفهمها، ولايدرك كنهها واسرارها. فإذا كان قد فهم الرفق بالحيوان بعد 14 قرنا من مبعث رسول الله فأصدر لها القوانين، فإن أصول التعامل مع الجمادات، والأشجار والنباتات التي لها قصة أشد تشويقا في سيرة المصطفى وأنبياء الله تعالى قد يأخذ عشرات أو مئات القرون من العلم والبحث والفهم والادراك .