نبض الدار

لاتخلو حياتنا من الصدمات النفسية.بسبب مرض عضال او حادث خطير او وفاة انسان عزيز او طلاق أو هزة مالية...الخ.
قد يستمر تأثير الصدمة النفسية فترة قصيرة  ، وقد يطول سنوات وسنوات اذا لم نحاول بجدية ان نخرج من إطارها. فقد تستغرقنا واحدة من المراحل الخمس للصدمة،  وتضيع  جزءا كبيرا من أعمارنا. وهكذا قد يعيش البعض مراحل الصدمة بشكل معقول ، وآخر قد يعيشها لعشر سنوات او عشرون سنة ! فالأمر يعتمد كثيرا على رغبتنا القوية بتجاوز الأزمة او الصدمة بالتقبل والبدء من جديد ، وهو مايحتاج الى دعم نفسي ومعنوي قوي نستمده بالدرجة الأولى من الإيمان بان الله معنا ، وأنه سيعوضنا خير ، والقادم سيكون الافضل اذا واصلنا المسير إلى الامام مستلهمين الآية الكريمة :"إن مع العسر يسرا فإن مع العسر يسرا." فالله جلت قدرته لا يحمل الانسان فوق مايطيق. وأن الضربة التي لاتميتنا تجعلنا أقوى وأصلب. 
وللصدمة مراحل خمسة  حسب نموذج" كيوبلر روس" يمر بها حزننا لدى حصول الصدمة. أولها الإنكار، فنشعر بان ماحصل لنا غير ممكن،  ومستحيل ان يحصل لنا ، فلا تجود المآقي بالدمع لمجابهة الحزن ، ونشعر ان الواقع المحيط لايمت لنا بصلة وانما يمت للآخرين.  ثم تأتي مرحلة الغضب،  وهي المرحلة التي ينتهي فيها الإنكار،  فنغضب فيها ونتساءل السؤال الصعب والمعقد " لماذا أنا ..لماذا أنا الذي حصل لي ماحصل ؟" فيهزنا السؤال الذي نحاول البحث عن إجابته ونحن غاضبون،  ومرحلة الغضب فيها جزء من عدم التسليم والرضا بما حصل.  وتأتي بعد ذلك مرحلة المساومات والتفاوض، وهي مرحلة صعبة جدا ، فيها نلوم أنفسنا ، ونفترض بدائل كانت يمكن أن تحصل لمنع حدوث ماحصل. وهي مرحلة فرز دقيق، اذا عرفنا الخطأ وادركناه،  وقد تتحول الى ألم نفسي ممض وطويل  اذا فتحنا علينا باب "لولا" ، الذي لاينقفل،  فهو باب قد يستغرق سنوات طويلة جدا من أعمارنا ، وقد يقودنا إلى خيارات خاطئة توقف حياتنا ومسيرها الى الامام . نعم نستفيد من الدرس ، فوراء  كل ابتلاء صعب درس ، لكن ناخذ الدرس بحجمه الطبيعي، ونستفيد ثم نتقدم الى الامام.
ثم تأتي مرحلة الاكتئاب الذي قد يطول اذا كان لمفردة "لولا" حيز كبير بحيث لاينقفل هذا المونولوج الداخلي  "لولا " . وإلا فإن الاكتئاب يأخذ وقته ثم يذهب. وأخيرا تأتي مرحلة التقبل ومحاولة اقفال الملف والتعايش مع الآثار الناجمة،  ومحاولة التقدم إلى الامام،  فاليسر مع العسر ، فلا عسر نتقبله الا ومعه يسر كما يقول الله تعالى. ويأتي اليسر بالتأكيد اذا فتحنا له باب أنفسنا،  وأوصدنا باب "لولا " الخطير .

تم نشره في جيدة عمان بتاريخ 17 اكتوبر 2017م