نبض الدار

tahiraallawati@gmail.com 

تعودنا ان نجلد ذواتنا ومجتمعاتنا ، قد نستحق هذا الجلد ، فأراضينا مهد رسالات الانبياء والرسل منذ فجر الخليقة ، ومن هذه الاراضي التي تتوسط العالم بدأت الحضارات الانسانية وانطلقت الى الآفاق ، ومنها انتشر البشر حاملين التقدم الانساني والقيم الى كل العالم ، لذا فالجلد ضروري حتى نكون بمستوى مالدينا من تاريخ انساني حضاري نبوي رسلي قيمي طويل .
فقد أصبحنا اليوم بلا قيمة تقريبا بعد ان سبقنا البعض في سلم الحضارة ، والبعض في سلم القيم الانسانية النبيلة.
لكننا احيانا بحاجة الى ذكر بعض حسنات بقيت لدينا من هذا التاريخ القيمي الطويل ، والذي اختتم برسالة الحبيب المصطفى (ص) سيد الانبياء والرسل . غادرتنا الكثير من القيم رغم احتضاننا لرسالة المصطفى الامين ، غادرتنا ونحن نقول اننا مهد الاسلام وقيمه العظيمة ، غادرتنا لإهمالنا لها وتركنا اياها لهاثا خلف سراب لاح لنا في دياج نعيشها.
ترى ماذا بقي لدينا ؟ قد اقول بعض قيم الاسرة وليس كلها ! فمايزال هناك - على الاغلب- احترام وتقدير للوالدين ، مايزال هناك رغبة في خدمة الوالدين في كبرهما ، مايزال هناك متسع في القلب للوالدين مهما بلغا من الكبر عتيا . ونلاحظ ذلك واضحا في مرافقة ومماشاة الاب الشيخ الكبير السن من قبل ولده ، ولانزال نرى الاهتمام بالأم العجوز ، وانها محور المنزل وان زاد الاحفاد ، وبلغوا الشباب . لانزال ندخل بيوتنا ونتوجه مباشرة الى الاكبر سنا سواء الجد او الجدة للسلام عليهما وتقبيلهما ، وتقبيل الرأس واليدين منهما.
ونلاحظ عند سفر بعض الاسر وجود الجد او الجدة ضمن الاسرة ، والاهتمام بهما وبكل صغيرة وكبيرة تخصهما .
وبالمقابل نلاحظ في الغرب مثلا مرافقة الزوج او الزوجة المريضة . مرافقة الابن او البنت المعاقان في السفر والمطارات ،  لكن مرافقة الاباء والامهات الكبار في السن والعاجزان لاتوجد ابدا رغم توفر كل البنية التحتية. فنجد ظاهرة رجال ونساء كبار في السن يشترون حاجياتهم بصعوبة شديدة ، ويجرون امامهم عربة يستندون عليها وفيها البقالة ، انهم في أرذل العمر ، البعض في حالة متعبة جدا ، موجودون وحيدون في  الاسواق ، واماكن التنزه ، المطاعم ، القهاوى، يقضون فيها نهاراتهم الفارغة من كل شئ ، وفي نهاية اليوم يتوجهون الى شقق وغرف باردة كئيبة تملأها الوحدة والوحشة والغبار .

نشر في جريدة عمان الثلاثاء 16اكتوبر 2018