نبض الدار

tahiraallawati@gmail.com

تتميز مجتمعاتنا الخليجية بانها مجتمعات شابة ، تزداد نسب الشبيبة والشباب فيه  . وهي ميزة كبيرة جدا لاتملكها العديد من المجتمعات ، وتبذل الغالي والنفيس كي تحقق هذه الميزة . فالشاب هو الاقدر على ان يكون أداة التنمية المهمة للمجتمع ، لكن في الوقت نفسه هو هدفها .
وبمجرد ان يتخرج الشاب ؛ فانه يبحث عن تحقيق هدفين مهمين ؛ كي يشعر بالاستقرار النفسي والاجتماعي ، ويتمثل ذلك في الحصول على وظيفة تناسب مادرس وتخصص فيه ، وصرف عليه عمرا على مقاعد الدراسة . فالوظيفة تشعره بالاعتماد على الذات والاستقلال والرسوخ والقدرة المادية ، وبأنه يستطيع ان يعيش حياته ويحقق ذاته وكينونته  . اما الهدف الثاني فهو الزواج وتكوين أسرة ، فالزواج عند الشاب من أهم الامور التي تحقق له الاستقرار النفسي والاجتماعي. ولايمكن ان يتزوج بدون ايجاد منزل الزوجية المناسب . 
بعد تحقق هذين الهدفين الأساسيين والمهمين جدا في حياة أي انسان ، يبدأ المشاركة الجادة والحقيقية في بناء مجتمعه وتنميته . وحسب علماء النفس ، فان تحقيق حاجات الفرد الاساسية هو الطريق الوحيد كي يصبح عضوا فاعلا منتجا في مجتمعه ، فتحقق الحاجات هي الارضية التي ينطلق منها الشاب لخدمة وبناء مجتمعه.
لذا كلما تأخر تحقيق هذين الهدفين كلما شعر الشاب بالاحباط والحرمان ، وانه لايعيش حياته ، فحاجته للمال ، وحاجته للاستقرار العاطفي والاجتماعي تضغطان عليه بشدة وقوة ، فيفقد توازنه النفسي وقدرته على التفكير الصائب والقرار والتصرف الصائب ، ويفقد قدرته على ان يعيش طبيعيا وسط دائرة الحرمان التي تحاصره ليل نهار . ومن هنا تأتي الخطورة ؛ فالشاب غير المستقر ماديا وعاطفيا قد يتحول الى قوة تدميرية هائلة لنفسه و لمجتمعه على السواء . 
انها قوانين الحياة ، فهكذا خلقنا ، وبدون تحقيق الحاجات الاساسية للانسان لايمكن ان نطالبه بأن يكون قوة بناء فاعلة في المجتمع .
لذا فان تقلبات اسعار النفط وتقلبات الاقتصاد في اي مجتمع لايمكن ان تبرر عدم تحقق هذين الهدفين للشباب مهما كان ؛ الا في حالة المقامرة باستقرار المجتمع .

نشر في جريدة عمان الثلاثاء 21 مايو 2019 م