حكاوى صباحية
وباء الطلاق

دأبت وزارة العدل على اصدار كتابها الاحصائي السنوي والذي يحوي أرقاما مهمة جدا، منها ارقام تخص نسب الطلاق وكانت الوزارة تنحو في اصداراتها السنوية السابقة الى بيان بعض الجداول عن نسب الطلاق بشكل عام ولوحظ فيها ارتفاع كبير في معدلات الطلاق في محافظات السلطنة، تدرجت من 16 % الى حوالي40% من حالات الزواج في محافظات السلطنة وقد أوعز البعض هذه الزيادة الى عدم تسجيل جميع حالات الزواج في السجل المدني!!
واذا أخذنا اصدارا احصائيا جديدا نسبيا لوزارة العدل لعام 2009 نلاحظ في الجداول التي تسجل الحالات الجديدة للزواج والطلاق التي وردت الى كتاب العدل في بعض الولايات كالاتي: مسقط: 1370 حالة زواج فيها 232 حالة طلاق - صلالة: 1890 حالة زواج مقابلها 284 طلاق - السيب : 1593 حالة زواج مقابلها 182 طلاق - صور: 593 زواج مقابلها 101 زواج - لوى : 310 زواج مقابلها 24 طلاق .
أرقام مرتفعة للطلاق! فاذا عرفنا ان الطرفين لدى الزواج يحرصان على تسجيل الزواج لدى كاتب العدل؛ للسفر المشترك ـ بالاخص شهر العسل ـ لبعض الدول ، فتوجد اجراءات مشددة في فنادقها حول السكن المشترك واجراءات أخرى تحتاج الى أهمية تسجيل الزواج وخاصة لجهات العمل التي تصرف تأمينا صحيا لاسرة الموظف او الموظفة او علاوة زواج وأولاد. أما الطلاق فلا يحرص الكثير من الرجال على تسجيله؛ فيحق له الزواج من أربع، وكذلك لاتسعى المرأة الى ان تسجل طلاقها لدى كاتب العدل بنفسها الا للضرورة القصوى، فنفس الانسان لاتميل الى تسجيل اخفاقاتها، والطلاق واحد من الاخفاقات الكبيرة في حياة الانسان. لذا فالفجوة قائمة بين الحرص على تسجيل الزواج وعدم الاهتمام بتسجيل الطلاق لدى كتاب العدل.
ومع ذلك فان قراءة للارقام التي أوردتها تجعلنا نقول اننا سائرون في خطى الدول العربية والخليجية التي ارتفعت فيها معدلات الطلاق. فالطلاق أصبح ظاهرة خطيرة جدا في هذه الدول، وبدأت هذه الدول بوضع الخطط الوقائية لتقليل نسب الطلاق، ونجحت بالفعل في كبحها، وهناك تجارب ناجحة خاضتها دولة مثل ماليزيا وغيرها، استطاعت على اثرها الى العودة بمعدلات الطلاق الكبيرة والخطيرة فيها الى المعدل الطبيعي المتعارف عليه كأبغض الحلال عند الله تعالى.
ان زيادة معدلات الطلاق تضاعف العبء على الضمان الاجتماعي، وكذلك تدفع الدولة لايجاد الحلول للتقليل من اثار التفكك الأسري ومنها جنوح الاحداث وانحرافاتهم، ورعايتها الاطفال بطرق وآليات ومؤسسات أكثر تعقيدا عما هو متعارف عليه ان كان في كنف أبويه، كما هو الحاصل في الغرب، فقد تحولت الدول الغربية الى حاضنات وأمهات وآباء لاطفال التفكك الأسري الكبير جدا فيها، وتدفع الميزانيات المهولة لتنفيذ هذه الادوار الجديدة عبر سلسلة من المؤسسات المعقدة التي تنشئها. ان الدول الغربية تعتبر الفرد هو لبنة المجتمع، لكننا بفضل قيمنا الاسلامية نعتبر الاسرة هي لبنة المجتمع، ان بقيت الأسر بسلام واستقرار كان المجتمع بمأمن وسلام وأمان واستقرار. وان ماستصرفه الدولة على رعاية الاطفال لدى انتشار الطلاق والتفكك الأسرى أولى بأن يصرف جزء منه على الخطط الوقائية لتقليل نسب الطلاق وحماية الأسر، وليصرف الباقي على احتياجات تصب في تطوير المجتمع وتقدمه كالتعليم والصحة وتوفر فرص العمل والصناعة والزراعة والتجارة ، وزيادة الدخل الوطني.

طاهرة اللواتية
tahiraallawati@gmail.com

جريدة الوطن (17 ربيع الثاني 1433هـ الموافق 10 مارس 2012م)