أصبح الوجود الاسيوي وغير العربي في السلطنة واقعا يوميا ، وتزداد مأذونيات استجلابهم كل يوم ، وقد شكل هذا الوجود الكثيف في دول الجوار خطرا ديموغرافيا كبيرا عليها وعلى مستقبلها حسب المراقبين الى جانب نزيف الاموال الى الخارج . ففي بعضها أصبحت نسبة المواطنين الى هذا الوجود 10 % فقط ، وقد كان المواطن فيها قبل عدة أعوام مسموع الاذن من الجهات الرسمية ، لكن ...مع الغالبية التي تشكلت للوافدين الاسيويين وغير العرب فقد المواطن تلك الميزة ، وفقد قيمته ومكانته . فهل نحن مقبلون على هذا الوضع كما يتنبأ البعض ، وأن عقدين أو ثلاثة من الزمن كفيلان بجعله واقعا ؟!
ذكر لي أحد الاخوة العمانيين هو يكاد يبكي؛ أن أحد العاملين الاسيويين كان يعمل لديه في الشركة لمدة زادت على العشر سنوات ، ومع نجاح الشركة وتحقيقها أرباحا طيبة وملموسة ، وزيادة ثقته في موظفه هذا واطمئنانه اليه ، وافق ان يكون موظفه بصفة مستثمر اجنبي معه ، وسط شعوره انه يعمل بما تملي عليه انسانيته. وفعلا حصل ذلك دون أن يشعر صاحبنا العماني أنه بدأ يتعرض للعبة قذرة . وعندما اكتملت الاجراءات طلب الاسيوي أن ينهي خدماته معه دون سابق انذار ، فأسقط في يد العماني ، وشعر بالارض تنهار تحت قدميه . لكنه وافق تحت وعود منه بالتعويض المالي المناسب له .
وعندما حان الوقت لتنفيذ الوعود اذا به يتفاجأ باستدعاء الشرطة له على عجل لأنه مدان بقضية شيكين مسحقين لموظفه بما يتجاوز 150 ألف ريال عماني . فقد كان قد أعطى منذ مدة طويلة جدا هذا الموظف مجموعة شيكات موقعة لدفعات لاحدى شركات التمويل مقابل شراء آلية . فاستغل الموظف شيكين منهما وأبقاهما لديه الى هذا الوقت ، وكتب لنفسه استحقاق مايزيد عن ال150 الف ريال .
أخذ العماني الى الحجز وبات ليلته فيه وتكاد الصدمة تشله ، ففي الصباح يجب ان يدفع الكفالة اذا رغب بالخروج ، وعليه بعد ذلك مواجهة قضية رفعها عليه محامي موظفه باستحقاقه مايزيد على ال150 ريال حسب الشيكات . وماأكثر القضايا التي تردعلى هذه الشاكلة القذرة الى أقسام الشرطة باستمرار .
قد يقال ان هذا هو القانون ، لكن عندما تتعدد القضايا على الشاكلة القذرة ضد المواطنين وتكثر ، ويكثر التلاعب ببند من القانون ، ويجازى العمانيون لتعاملهم مع موظفيهم بانسانية وثقة ، فان اعادة النظر في هذا البند القانوني وتعزيزه ببند آخر أمرضروري لحماية المواطنين ، فالقانون قابل للتعديل حسب المشاكل والمستجدات التي تصادفه ، فهو ليس مسطرة عمياء ، فقد صنع لحياة عادلة وطيبة ، وهذا مايعطي أي قانون صفة الصلاحية والقوة والديمومة .
عنما خرج العماني من الحجز بعد دفع الكفالة ، ماأسرع ما أتاه مرسال الاسيوي قائلا : اذا كنت ترغب بسحب القضية فعليك ان تتنازل عن ممتلكات ومحلات شركتك وعن كذا وكذا ! صدمة أخرى تعرض لها العماني : أما سيف السجن ، واما سيف إنهاء شركته بيده ليسلمها للاسيوي على طبق من ذهب . أفضل المحامين وأغلاهم سعرا لم يعطوه الأمل للنجاة من السجن ، فقضية الشيكات قضية مضمونة مائة بالمائة . فهل يسجن أم يسلم كد وشقاء عمره ورزقه ورزق أبنائه على طبق من ذهب للاسيوي ، ويعود وأبناؤه فقراء وهو يغادر الخمسين من عمره ؟؟
جريدة الوطن ( السبت 24 شعبان 1433هـ الموافق 14 من يوليو 2012م)
0 تعليقات