حكاوى صباحية


   تنفسنا الصعداء  الى حد ما من تصريح معالي وزيرة التربية الاخير في احدى الصحف حول لجان نظير خبير، فقد اعيد الاعتبار الى حد ما الى الخبرة التربوية العمانية . رغم ان ال43 عاما كافية جدا للتقليل من الاستيراد الكثيف للخبرة الاجنبية .

ففي الواقع لم تنقطع وزارة التربية والتعليم خلال عمرها الطويل عن الاستعانة بالخبرات الاجنبية ، فبرنامج تطوير التعليم (التعليم الاساسي) صممته شركة كندية ،  وكذلك جوانب كثيرة في نظام التقويم التربوي وغيره صممته شركات اجنبية .  لكن ان تزيد الاستعانة بالخبرات الاجنبية بشكل ملحوظ ولايبقى للخبير العماني الا دور نظير خبير فهو أمر قد يزيد الامور تعقيدا في الوزارة .

 ومن واقع حديث المعلم والتجربة ؛ فالبرامج التربوية الموجودة حاليا ومن ضمنها برنامج تطوير التعليم  ليست فاسدة أوغير صالحة ، انما هناك مطلب قوي ومهم للمعلم العماني وهو : شاركوني في بناء هذه البرامج ؛  فانا أدرى بالميدان والطلبة ومتطلباتهم  .

وقد قوبل نظام تطوير التعليم بمقاومة عنيفة جدا من المعلمين والميدان ، لالشئ الا أن المعلم شعر بأنه مطالب بأن يطبق ويأكل ماتطبخه الوزارة سواء عبر الخبير الاجنبي اوالمحلي  .

وللحق فمن تجربة طويلة كل هذه البرامج كانت جيدة الى حد كبير ، وساهمت في تطوير التعليم العماني .  لكن بقي قبول الميدان لها صعبا جدا ومعقدا ومقلقا  بسبب مطالبة المعلم الدائمة  بأن يكون  شريكا حقيقيا في بناء هذه البرامج وثم تقييمها وتطويرها . وهذا المطلب قديم متجدد . وقد طرأ تطوير بسيط لمشاركة المعلم مع نشوء دائرة الاعلام التربوي والبدء في تطبيق التعليم مابعد الاساسي ، لكنه لم يرض طموح المعلم والعاملين في الميدان التربوي ،  فهو لايريد ان يكون شريكا مناسباتيا ، وانما شريكا دائما . وللأسف أصر معدو البرامج في الوزارة بأنها وليدهم أو طفلهم الذي لايحق للمعلم أو الميدان ان يشارك في بناء ملامحه أو تقييمه أو تطويره ، ودفعت الوزارة الثمن بسبب هذه النظرة الانانية لهؤلاء  .

وطالما لم يعالج هذا الامر بشكل جذري ويأخذ المعلم حقه في ذلك ، فستراوح الأمور مكانها ، فكثرة الاستعانة بالخبراء من الخارج حاليا جعل العاملين في الوزارة غير راضين ايضا بسبب اهمال خبراتهم الطويلة ووضعها على الرف، وهاجر الكثير منهم الى جهات اخرى ، فالمشكلة ليست في سوء البرامج وانما فقدان رضا المعلم وامتعاضه  بسبب عدم مشاركته ، فاذا كان المعلم غير راض فكيف سيطبقها بنجاح وفعالية ، وكيف ستقيم وتقوم وتطور والشريك الحقيقي مطلوب منه التطبيق فقط .

ان الوزارة نحت مشكورة منذ عام أو اكثر تقريبا  الى عقد الندوات المشتركة بين الميدان والوزارة لتقييم البرامج الجارية ، وللحق فلم تشهد الوزارة خلال مناقشة عدد من البرامج أي رفض من المعلم لها ، نعم أعطى اقتراحات عديدة - وهي اقتراحات مهمة - لتطويرها حتى تتواءم مع الميدان بشكل أفضل ، واذا ببعضها يلغى وبعضها يوقف لحين حضور الخبير الاجنبي !

ان المعلم من جانب آخر في حاجة الى سلم وظيفي واضح لترقيته ، وكذلك توفر الشفافية وتكافؤ الفرص في التعيين والنقل والندب والتدريب والتأهيل والابتعاث ،  وزيادة الحوافز المعنوية والمادية للمجيدين من المعلمين ، وهم العملة الصعبة للوزارة ورأسمالها الحقيقي ، ويمكن تدبير ذلك من مصاريف جلب الخبراء الاجانب فيما يستحق ومالا يستحق , وللحق فقد جلب قرار اعادة العلاوة ارتياح المعلم  ، وكذلك ارتاح لما رصدته الدولة مشكورة من مبالغ لتدريبه .