حكاوى صباحية
سعدنا
بصدور تقرير التنمية البشري الثاني للسلطنة قبل عدة ايام ، فالتقرير يعطي صورة
بانورامية متكاملة لجميع القطاعات عن التطور الحاصل في التنمية البشرية العمانية .
يغطي
التقرير الثاني للتنمية البشرية، عقدا من عمر السلطنة، في الفترة 2001- 2010 وهي
الفترة التي شهدت تنفيذ خطتين تنمويتين ؛ هما الخطة الخمسية السادسة (2001-2005 )
والخطة الخمسية السابعة (2006-2010) الأمر الذي يجعل توقيته مهما لتقييم الأداء
التنموي خلال ذلك العقد .
ان
التقرير يوفر الكثير من الحقائق للباحثين والمثقفين المعنيين بشؤون التنمية
لدراستها وتقديم آراء وحلول مقترحة لاسيما وأن التقرير عادة لا يقدم حلولاً أو
مقترحات للإشكاليات التنموية . وهذا يدعو كل قطاع في البلد لدراسة ماورد بخصوصه في
التقرير ، والاشتغال عليه لتطور أفضل وأكبر خلال الخطط الخمسية القادمة.
من
ضمن ماقاله التقرير ، إنّه وفي ظل السياسات الحالية، فإنّه من المتوقع أن يمثل
قطاعا التشييد وتجارة الجملة والتجزئة أكثر من نصف الناتج المحلي بحلول عام 2020م،
وأن التوجه لا يحقق ما تنشده الرؤية العمانية 2020من تنمية وتطوير قطاعات التصدير.
كلام
يعني أن قطاعا الصناعة والزراعة وغيرهما مما يعززان التصدير ضعيفة رغم قربنا من
العام 2020 م. فهل الأمر بحاجة الى ضخ المزيد من الدعم والجهد والتخطيط والمال
والمعرفة والتعليم والتدريب للنهوض بقطاعي الصناعة والزراعة وغيرهما كي يعتدل ميزان
الناتج المحلي ؟
أما بالنسبة للجانب المصرفي، فأكد التقرير أن
المصارف تهيمن على القطاع المالي، كما يتم توجيه الأصول المصرفية بكثافة نحو إقراض
المؤسسات الكبيرة والمستهلكين، ولا تجد المصارف أي حافز يدفعها نحو إقراض المشاريع
الصغيرة أو المتوسطة الحجم، موضحاً أنّه لولا القيود المفروضة عليها من قبل البنك
المركزي لتوسعت المصارف أكثر في إقراض المستهلكين.
ونستطيع
ان نضيف أن البنوك تعتاش وتعيش من القروض الاستهلاكية ، وتوفر أرباحها ونموها منها
، وليس من الاستثمار في مشاريع اقتصادية تنموية متنوعة تشغل الايدي العاملة
العمانية ، وتدير عجلة الاقتصاد العماني .ومن جانب آخر فان عدم اقراضها للمشاريع
الصغيرة والمتوسطة يجعلها تساهم بشكل أوآخر في أن يبقى اقتصادنا اقتصادا احتكاريا
للكبار ، واستهلاكيا واستنزافيا للطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة . وعندما
تسيطر البنوك على القطاع المالي فان كل القوة تبقى في يدها للتغول دون تعديل أو
تطوير . وهذا يحتاج دورا أكبر من البنك المركزي العماني للتعامل بحسم أكبر.
بيّن
التقرير في مكان آخر أن سوق العمل هي الأكثر بعدًا عن المسار المستهدف بين
القطاعات الرئيسية، حيث إن هيكل التوظيف غير متوازن ، ومعدل مشاركة المواطنين
العمانيين منخفض ، ويقارب حوالي نصف متوسط الدول المتقدمة. وبالنسبة
لتحديات التشغيل والتعمين، فإن أبرزها يتمثل في انخفاض الأجور في القطاع الخاص،
وتطبيق الحد الأدنى للأجور لدى بعض المنشآت على جميع المواطنين العاملين لديها بغض
النظر عن مؤهلاتهم. وكذلك عدم توفر لائحة بنظام العمل وفقا لأحكام قانون العمل في
العديد من منشآت القطاع الخاص، وغيرها من التحديات. وأن سوق
العمل يواجه جملة من التحديات المتمثلة في انخفاض أعداد الملتحقين بسوق العمل،
وسيادة الاعتقاد لدى الأسر أن التعليم الجامعي يحقق مستقبلا أفضل للأبناء من
التعليم التقني؛ سواء من النواحي الاجتماعية أو الاقتصادية. بجانب محدودية البرامج
التدريبية الموجهة للإناث؛ حيث إن غالبيتها لا تتناسب وطبيعة المرأة وميولها
المهنية، وغيرها من التحديات.
أظن
أن أزمة الباحثين عن عمل التي عشناها وشاهدنا فصولها المعقدة في بيوتنا وفي قنوات الاعلام ولانزال هي دليل
على ماورد في التقرير ، وأظن أننا في حاجة الى حلول جذرية لمعالجة هيكل التوظيف
غير المتوازن حتى تبقى سوق العمل صحية وحيوية وديناميكية وتستقبل الباحثين عن عمل بسهولة
ويسر .
ولنا
عودة لاحقا الى موضوع التشغيل باذن الله تعالى.
0 تعليقات