حكاوى  صباحية

خرجت الكثير من الكفاءات من وزارة التربية والتعليم ، بعد أن شعرت بأنها طوال خدمتها الطويلة في التربية لم تواجه بالشكر والتقدير ، ناهيك عن أن تأخذ مكانتها ككفاءات عاملة ناصبة لها الحق في ترقية وظيفية تتناسب وعطاءها الطويل ، بل تم توجيه الاتهام لها بأنها خرجت بحثا عن المال .
مايزال النزيف مستمرا ، وماتزال الوحدات والمؤسسات تجتذب اليها كفاءات وزارة التربية والتعليم لعلمها أن هذه الكفاءات لديها من الخبرة العظيمة ؛ مايجعلها مستفيدة جدا باضافة هذه العقول اليها .
ومايزال المعلمون يطالبون بمطالب لهم الحق فيها . فالتعليم وظيفة خطيرة جدا وصعبة ، وتحتاج الى كفاءات نوعية تؤهلنا للمرحلة القادمة التى تسعى لها السلطنة ، وهي مرحلة العقول المتميزة التي تعمل في مجال التقنية ، لتصبح ثروة وطنية يعتمد عليها الوطن . هذا ما صرح به مؤخرا معالي وزير الشؤون الخارجية في حواره مع جمعية الصحافة عندما قال : "ما أوقف الله موردا إلا عوضه بآخر، مستقبل الثروة هي التقنية المرتبطة بالذهن التي ترتكز على العلم ، فإذا عملنا على هذا المنوال ستكون لدينا إمكانيات لسد حاجاتنا إلى حد ما، لأن هذه التقنيات تقدم خدمات لتستجيب لصالح أفراد المجتمع. "
ان المعلم الذي أمضى عشرين عاما أو أكثر أو أقل في التعليم في مدرسته- وعددهم كبير جدا - مايزال يتساءل : أليس لي الحق بأن أنال مايتناسب وطول فترة عطائي ؟ قد يرغب بمركز وظيفي أو درجة مالية متميزة أودراسة ماجستير أو دكتوراه أو شيئا آخر ، لكنه يرغب بما يشعره مايوازي عطاءه . بينما نحن في حاجة الى رضائه وبقائه في مدرسته لأنه كفاءة قديرة أصبحت قيمتها في قيمة الذهب أو الماس . ان المعلم في حاجة لانعاشه واعطائه مايشعره بأنه ينال مايوازي جهده ، وبالمقابل لنا الحق بعد ذلك أن نسائله بشدة وحزم ، ونحاسبه بقوة وقسوة عن المخرجات بين يديه .
لقد أصبح المعلم اليوم كتلة من الكهرباء عالية التوتر ، فلا يستطيع أحد ان يسأله ماذا أنجزت وكيف أنجزت ، ولماذا قصرت ؟ بينما هو يشعر بالغبن وعدم التقدير لدوره ماليا ووظيفيا . وهذا الوضع غير مساعد ومعيق لنقل خبرته للطالب الى حد كبير جدا . ويعترف مديرو ومديرات المدارس بأن التعامل مع المعلم أصبح معقدا الى حد كبير فيتجنبونه . فتزداد الفجوة والبعد ، ويزداد التعامل تعقيدا وتوترا وسلبية بين الطرفين . ان الترهل في العمل في وحدة تتعامل بالورق والمعاملات قد يمكن غض الطرف عنه لفترة أو فترات أو أوقات ، لكن الترهل يوما واحدا في بناء عقول الأبناء كارثة على التعليم بأكمله .
انني أتمنى أن يعاد سريعا النظر في وضع المعلم ، فما صرفته وضخته الدولة من ملايين كثيرة جدا منذ التسعينيات على التعليم العماني وتطويره ، وبذلت فيه جهودا مضنية ليل نهار ليصبح أفضل تعليم عربي وخليجي ، وماتحقق فيه من منجزات أشادت بها المنظمات التربوية العالمية يجب الا يهدر بسبب عدم اعادة النظر في وضع المعلم ماليا ووظيفيا.

طاهرة اللواتية

tahiraallawati@gmail.com

جريدة الوطن ( الأحد 24 شوال 1434هـ 1 من سبتمبر 2013م )