حكاوى صباحية
اذا
كنا نتحدث عن معوقات التقدم في العمل في معظم الوحدات الحكومية ، فان من أهم
المعوقات التي كانت ولاتزال ؛ الاستئثار بالعمل والانغلاق عليه من قبل بعض
العاملين في هذه الوحدات، سواء من كبار الموظفين أومتوسطيهم أوصغارهم . فالصلاحيات التي
بأيدهم لايرغبون بان يشاركهم أحد فيها ناهيك عن ان تكون لغيرهم ، ويستخدمون المسؤول الاعلى بشكل من الأشكال مخلب
قط يدافع عنهم وعما يفعلونه.
والأمر
ليس مقتصر على الموظفين القدامى بل الموظفين الجدد أيضا ، وليس مقتصر على كبار
السن بل الشباب أيضا . ويبدو أن سبب ذلك عدم الرغبة في اتعاب النفس في تطوير العمل
حسب المطلوب ، وفعل مايحلو لهم ، مع الحرص الشديد للحفاظ على الصلاحيات الممنوحة
لهم وزيادتها . لذا فهم يرون الانفتاح على الاخرين ومشاركتهم بابا للخطر يجب ان
يقفل حتى يفعلوا ما يشاؤون بدون تطوير حقيقي ومهم .
لذا
تبقى مفاصل كثيرة حيوية في العمل في الوحدات الحكومية بعيدة عن التطوير الحقيقي
رغم ماتبذل من إمكانيات وتصرف من أموال . فالعقليات البشرية المنفتحة هي التي تصنع
التطوير، ومشاركة الاخرين في عقولهم هو الذي يصنع الفرق الحقيقي ، والنقد البناء
من الاخرين بالانفتاح عليهم هو الذي يرينا موقعنا الحقيقي ، والبعد والقرب من
الهدف الذي نرغب به ، وضخ الخبرات وتنويع الدماء واحترام الكفاءات والابداع ؛ هو
الذي ينجح أي عمل ويصل به الى مستوى عال من الرقي والتغير والتطور.
ان الكثير
من الوحدات تسعى الى التطوير لكن افتقاد اخلاقيات العمل الجاد والجماعي مما تم
ذكره هو الذي يبقي العمل بدون تطوير حقيقي ، وفي هذه الحالات يدفع المسؤول الاعلى
الثمن ، لانه سكت وصبر ، وسكت وصبر ، وأعطى مئات الفرص لهذه العقليات التي استنزفت
كل فرصه للتطوير الحقيقي ؛ ولم يبق الا ان يزاح من على رأس الوحدة . ويبقى هؤلاء
الموظفون بمنأى عن دفع الثمن ، ويواصلون المنوال نفسه مع الذي يأتي بعده وبعده
وبعده .
ان
اعطاء الفرص للشباب أمر محمود وجميل جدا ، لكن يشتكي الناس ان الكثير من الشباب
أصبحوا أكثر دكتاتورية ممن قبلهم ؛ ففي حساباتهم انهم حصلوا هذه الفرص بظروف معينة
لاتتكرر ، وليس بسبب التطور التدريجي في
العمل والكفاءة وتراكم الخبرة يوما بعد يوم ، لذا فهم خائفون بأن يفقدوا الفرص
التي حصلوا عليها ، ومنغلقون على مافي أيديهم من الصلاحيات الممنوحة لهم ، وربما الأكثر
إقصاء للاخرين ممن حولهم من شباب ومبدعين وغيرهم من الموظفين ذوي الخبرة القصيرة والطويلة على السواء .
ان
هذه الحلقة المفرغة قديما وحديثا في حاجة الى علاج جاد اذا ابتغينا التطوير
الحقيقي في هذه الوحدات . والعقل البشري لايمنعه شئ للبحث عن حلول في أطر منظمة
وفاعلة وذكية وجمعية. أما الاختفاء وراء الابواب الى حين الانقشاع التدريجي، وان
الايام قد تأتي بالحل ، فهو أمر مستبعد ، ومراهنة على الصدف لكسر هذه الحلقة .فان
وراء هذه العقليات التي تغلق العمل ولاتطوره يقف الولاء للنفس وأنانياتها ومصالحها
، وليس الولاء للوطن ومصالحه وتقدمه وتطوره.
0 تعليقات