نبض الدار

تطرح وزارة القوى العاملة برنامجين مهمين وهما: الدبلوم المهني العام، والدبلوم المهني (فني). فالاول يقبل الطلبة الذين أنهوا الصف العاشر ويعادل دبلوم التعليم العام. أما الثاني فهو أعلى، ويأتي بعد الحصول على الدبلوم المهني العام. ان الاقبال على هذه الدبلومات ضعيف رغم فتح الباب للتجسير من الدبلوم المهني (الفني) الى الكليات التقنية.
ان تنويع مسارات التعليم وخاصة ما بعد الصف العاشر واحد من أهداف التعليم الحديث عالميا، فكلما تنوعت المسارات كلما تم استيعاب اختلاف القدرات والامكانيات والاستعدادات والأمزجة الطلابية، وتمت تغطية احتياجات سوق العمل المختلفة والمتنوعة.
ان دراسة ضعف الاقبال على هذه البرامج المهمة أمر ضروري جدا، وان يشجع الطلبة للانضمام اليها بأن يفتحوا بعد التخرج مشروعهم الخاص: مكتب للطباعة، أو ورشة تصليح سيارات أو مؤسسة للصيد، أو شركة زراعية أو ورشة سمكرة أو ورشة نجارة أو غيرها. فكلها مهن أصبحت تدر أرباحا جيدة جدا، ويستفيد منها الوافد بعد ان تمركز فيها، وصنع امبراطورياته . وان تنويع وتحديث المسارات المهنية بحيت تستوعب الكثير من المهن التي تستجد في سوق العمل العماني أمر ضروري، وربطها بالمحفزات التي يقدمها صندوق رفد أو وزارة الزراعة والثروة السمكية أو بنك التنمية العماني. فمن الصعوبة بمكان أن يتخرج الطالب من هذه المعاهد ويعمل لدى الوافد في ورشه، فالوافد لايحسن معاملة المواطن الموظف، وينتظر الفرصة لإزاحته واحلال قريبه الوافد فيها .
ان الشاب الذي سيرى ان قرض صندوق رفد ينتظره فور تخرجه من الدبلوم المهني سيشعر أن مستقبله الوظيفي مضمون جدا، وأنه غير منتظر لأن تأتيه وظيفة في وزارة أو شركة خاصة كبيرة . بل يستطيع ان يخوض مجال المؤسسات الصغيرة أو المتوسطة بقوة وفاعلية، وأن يكون سيد نفسه وحر قراره، وأن يعمل باجتهاد وبابداع وتفوق، فالمال ماله والربح ربحه. وهناك مظلة تحميه وتدعمه وتقدم له المال والمعونة والمشورة اللازمة الى أن يقف على قدميه ويبدأ بتكوين الأرباح .
لقد اختلف حال سوق العمل اليوم، وأصبحت الوظيفة الجيدة في هيئة حكومية أو شركة خاصة كبيرة هي الضامن الوحيد للعماني اذا أراد ان ينطلق الى راتب جيد وحياة مريحة يتمناها بعد طول دراسة. ولتغيير هذا المفهوم وصناعة أمان وظيفي لخريج الدبلوم المهني والتقني والتجاري عبر مشروعه الخاص، هو دور وزارة القوى العاملة والجهات المعنية في الدولة . هذا ما نراهن عليه كي نتخلص من سطوة الوافد وتغلغله في نسيج العمل العماني رغم أنه لا يحمل أي شهادة  تذكر. ان الوافد الاسيوي عندما يأتي يحصل على سكن وطعام وراتب مجاني من أبناء جلدته،  ويعطونه قرضا مريحا بدون فوائد ومؤجل الدفع كي يفتح مشروعه الخاص، ويحصل منهم على الدعم والتدريب والحماية المستمرة حتى يثبت قدميه ويبدأ مشروعه بالربح الجيد، بل يقف معه أبناء جلدته في أي ملمة تلم به في السوق كخسارة مفاجئة أو هزة غير متوقعة حتى يعاود الوقوف على قدميه، انها حاضنة حقيقية . أفلا يستحق شبابنا خريجو التدريب المهني والفني والتقني والتجاري هذا النوع من الحواضن في سوق أصبح شرسا ومتوحشا يسيطر عليه الوافد ويتحكم به.
صحيفة عمان / الاحد 30 مارس 2014

http://main.omandaily.om/?p=91799