نبض الدار
اتجه كثيرون لشراء سياراتهم من خارج البلد ، وخاصة السيارات الغالية الثمن ، فهم يحصلون عليها بسعر أرخص وبمواصفات أفضل ، فالمعروف ان المواصفات الأوروبية والأمريكية هي الأفضل في العالم . وكذلك فالأسعار أرخص بالمقارنة . والكثير من الطلبة الدارسين في الخارج يشترون السيارات أثناء فترة دراستهم ، ولدى عودتهم يحضرونها معهم ، فالقانون العماني لايمنع المواطن من ذلك.
وكالة سيارات كبيرة ، ولديها العديد من الماركات المشهورة  تعرف ان القانون العماني لا يسمح بالاحتكار ويرفضه ،  لكنها تدري انها الوكالة الوحيدة في السوق العماني لها،  وتدري انها الوحيدة  التي تقوم بالصيانة. لذا  تتصرف بسلوك وعقلية احتكارية بحتة ، فترفض استقبال السيارات ذات التصدير الاوروبي والامريكي في مسقط للصيانة ، بحجة انها لاتملك الأدوات والتقنية ، بينما تفتح  لها الصيانة في مدينة حدودية على بعد أكثر من 350كم من مسقط ، فهذا النوع من السيارات منتشر في بلد مجاور ، فالهدف المنافسة وكسب السوق المجاور . وكانت تنصح أصحابها في مسقط  بالتوجه الى تلك المدينة. لكنها تعلم علم اليقين صعوبة ومشقة التوجه الى هناك خاصة اذا كان بالسيارة عطل ، والصيانة لاتنتهي عادة في اليوم نفسه ، فيضطر الشخص للبيات ليلة أو ليلتين دوام ، فهي لاتعمل أيام الاجازات ، ناهيك عن البعد والمشقة والتعرض للحوادث ، والجهد والمال المبذول في الذهاب والاياب ربما بسيارة أو سيارتين اذا كان بالسيارة عطل ما ، أوالتحميل على " بريكدون"  . والسؤال : اذا كانت التقنية موجودة هناك في تلك المدينة الحدودية البعيدة  ، فلماذا لاتجلبها هنا في مسقط العاصمة ، فالأمر سهل وميسور وهي الوكالة الكبيرة العظيمة ؟
نعم تريد أن تفرض على السوق العماني الرئيسي سعر بيع مرتفع ، فالفرق بين السعر العماني والغربي في السيارات الفخمة قد يصل الى عشرة أو خمسة عشر ألف ريال عماني أو أكثر ، انه سلوك الاحتكار عندما تتسيد شركة ما لوحدها السوق. 
وحتى تبعد عن نفسها تهمة الاحتكار مع الجهات المعنية وهيئة حماية المستهلك ، فانها لجأت الى طريقة ذكية مؤادها  ؛ أنه بسبب عدم امتلاكها التقنية لاصلاح هذه السيارات في مسقط ، فانها تفرض على صاحب السيارة التوقيع على تعهد يفيد بأنها لاتتحمل مغبة التأخير في  الصيانة والاصلاح هنا ، ولاتتحمل أي مسؤولية  اتجاه أي شئ أوطارئ يحصل أثناء الصيانة؟!    ترى من يجب أن يوقع على تعهد في العادة ، البائع أم المستهلك ؟  سؤال برسم هيئة حماية المستهلك التي نثق بها غاية الثقة ، ونعرف انها لن تقبل بهذا الوضع المقلوب .
ان أي انسان لديه القليل من الفهم لن يوقع هذا التعهد . فتكون النتيجة أن تحتكر السوق وتحتكر الصيانة كما تشاء والى ماشاءت . سلوك احتكاري في وضع عدم وجود المنافسة ، ومن سينافس ؟ انها تستطيع قتل المنافسة في مهدها، لأنها كبيرة وقوية بما فيه الكفاية ومتمرسة لعدد طويل من السنوات ، انها مثلا  تبيع قطع الغيار لبعض ماركاتها في تلك المدينة الحدودية أرخص مما تبيعها في مسقط  ؟ سلوك غريب نفهمه عندما نعرف أنها بذلك تنافس الدولة المجاورة التي تبيع هذه القطع أرخص !  نعم القانون العماني لايسمح بالاحتكار ، لكن كيف يعالج السلوك الاحتكاري اذا قام به البعض مستغلين انهم الوحيدون في السوق ؟!
للتواصل مع الكاتبة: tahiraallawati@gmail.com
نشر في جريدة عمان ، الأحد 10/5/2014م