نبض الدار
خطت الحكومة مشكورة خطوات مدروسة وجادة لجعل الشركات الحكومية شركات مساهمة ، فبادرت ببيع حصتها لصالح المواطنين . وأظن أن هذه الخطوة ستجعل الشركات الحكومية أكثر جدية في أدائها ، وأكثر شفافية في أعمالها ، لأنها ستكون مضطرة لتقديم تقاريرها السنوية ، وأدائها الحولي الى المساهمين والجمهور ، وستسعى بقوة الى أن تحقق أرباحا على الدوام ، ولايمكن أن تتحقق الأرباح بدون أن تطور الأداء بشكل حقيقي، وتقومه بين فترة وأخرى ، فيستفيد البلد والمواطن من تجويد الخدمة وتطويرها .
نتمنى أن تتبع هذه الخطوة الجميلة خطوة أخرى ، أصبحت ضرورية عندما دخل المستثمر الأجنبي الآسيوي بقانون سهل جعله يصنع امبراطوريات تشفط مليارات الريالات . لقد سيطر هذا المستثمر الأجنبي على تجارة الهايبرات في مسقط ، وفي أهم ولايات ومدن السلطنة، ومايزال يتوسع ويكتسح .
ان نظرة على المستشفيات الخاصة للمستثمرين الآسيويين التي لاتعالج الا الزكام والرشح والحرارة، وهايبراتهم الضخمة التي تحولت الى مصانع للأغذية والكماليات ، فنافست المصانع العمانية ، وأثرت بقوة على المنتج الوطني ، وغيرها من الشركات التي يسيطر عليها الآسيوي من الباطن؛  تجعلنا نشعر أن جزءا من الأمن الاقتصادي لبلدنا أصبح متركزا ومحتكرا في يد آسيوية غريبة عن نسيج المجتمع العماني ، وهذه القوة المالية جعلته في وضع اجتماعي يستطيع عبره التغطية والتملص من تبعات قصص فساده التي تنفجر بين وقت وآخر . 
ان عمان لاتشهد مستثمرا أجنبيا متوازنا من كافة أرجاء المعمورة ، بل تشهد نوعية معينة من المستثمرين من آسيا احتكرت تجارة  الهايبرات ، وتقديم الخدمة الطبية في مستوى أولي بسيط . وجعلت السوق في وضع غير مريح اقتصاديا للمواطن وللمستثمر الاجنبي الآتي من دول أخرى.  فلا يمكن في وضع كهذا أن يفكر مواطن بفتح هايبر ، أو يتوسع في خدمة طبية ، فعدد المواطنين المستثمرين في المجالين في نقصان بسبب المنافسة الشرسة . وكذلك العرب الذين يملكون هايبرات ؛ فهم غير قادرون على التوسع ، وقد ياتي يوم لايستطيعون فيه الاستمرار كما تدل بعض المؤشرات .  وكيف يكون الوضع مريحا وعدد الآسيويين أصبح مساويا لعدد المواطنين حسب بعض الاحصائيات ! وتغلغلوا بسبب التجارة المستترة الى معظم مفاصل البلد التجارية المهمة  .
ان الدولة عندما فكرت بتحويل الشركات الحكومية الى شركات مساهمة أرادت أن تدفع المواطن للاستثمار الآمن في مشاريع متنوعة تخدم البلد بالدرجة الأولى ، وليصبح المواطن شريكا في الاستثمار بكافة أنواعه ، وليتحمل جزءا من المسئولية الوطنية  . وكذلك الحال مع تحويل شركات الاستثمار الأجنبي الى شركات مساهمة بنسبة 50% على الأقل ، فهي تحقق هذه الأهداف للمواطن ، وان دخول المساهم العماني في هذه الشركات هو الضمانة الأكيدة لاستعادة الأمن الاقتصادي الوطني ، واستعادة جزء كبيرة من السيطرة على مايتسرب من مليارات خارج البلد ، إضافة الى أنها تستعيد مايتسرب من أمن البلد الاجتماعي والسياسي مع تلك المليارات .
نشر في جريدة عمان ، الأحد 13-4-2014م