نبض الدار
ناقش مجلس الدولة مؤخرا قانون مكافحة المخدرات الصادر بالمرسوم السلطاني 17/ 1999. وتركز النقاش على المادة رقم43 . وذلك وسط تزايد قضايا الاتجار والتعاطي والوفيات في السنوات الاخيرة ،وتزايد تهريب مخدر الهيرويين والذي يعد الاخطر في قائمة المخدرات .الى جانب شيوع انواع اخرى من المخدرات الخطرة مثل حبوب ترامادول الخطيرة.و آخر يودي الى التشوه والوفاة وهو مخدر كروكودايل ( التمساح ). وتشكو شرطة عمان السلطانية من تزايد قضايا تهريب المخدرات من خارج الدولة الى داخلها ، وغالبية المهربين غير عمانيين . وقد اصبح ثلث نزلاء السجون من قضايا المخدرات. وأبرزت الصحف المحلية ان اعمار متعاطي المخدرات انخفضت عما كان سابقا ، فقد انتشرت المخدرات في اعمار غضة تبدا من عمر 12 سنة واعلى . هذه التطورات جميعا تنبئ ان مهربي المخدرات اتخذوا السلطنة في السنوات الاخيرة هدفا ثابتا وكبيرا، خاصة مع التشديد عليهم بعقوبة الاعدام من دول مجاورة مثل ايران والسعودية والكويت ودول اخرى مجاورة ، وحسب نظرية الاواني المستطرقة، فقد انتقل ضغطهم صوب السلطنة بعد التشديد في تلك الدول ، ففي السلطنة لم نشهد عملية اعدام واحدة بحق مهرب مخدرات منذ العام 2002م. نعم ينال السجن المؤبد ثم بعد سنوات عديدة يخرج الى الحرية بسبب العفو الدوري الذي يلحقه. ان المادة43 من قانون مكافحة المخدرات تعطي الخيار للقاضي بين عقوبة الاعدام او السجن المؤبد ، ويبدو ان القضاة ترق قلوبهم فيلجأوون الى المؤبد وسط وجود محامين أشداء ومتمرسين وأذكياء في الدفاع عن مهربي المخدرات . وهكذا يمرح المهربون ويسرحون في بلدنا معرضين اطفالنا وشبابنا لخطر عظيم ، فالمتعاطي يرجع الى التعاطي وان عولج ؛ فنسبة الشفاء التام حسب الارقام والاحصائيات العالمية حوالي 20% فقط. ان عدم حصول الاجماع في مجلس الدولة على تعديل المادة 43 فيما يخص مهرب المخدرات لهو فشل كبير وسندفع ثمنه كبيرا .لاندري لماذا اخذت العاطفة بعض اعضاء مجلس الدولة حول المهرب وغالبيتهم اجانب ووافدون . نعم المرجون قد يكونوا عمانيين ، فعادة عندما يدمن الشاب ؛ فان الشبكات تستخدمه ليقوم بالترويج بين الشباب أمثاله، ومقابل ذلك تمنحه الجرعة مجانا . لكننا نتحدث عن المهرب - اغلبهم وافدون - الذي يكون همزة الوصل بين شبكات الخارج وبين المروجين في الداخل ، هذه الهمزة الشيطانية التي ترتبط مع شبكات التهريب العالمية بوشائج عميقة وقوية ، وعليها يعول في دخول المخدرات للبلد. وهي اذا تم قطعها كما حصل في دول مثل ايران وماليزيا وسنغافورة والسعودية سنرتاح، وسيقل الضغط على عمان، وسيقل دخول تلك المخدرات الخطيرة الينا. لاندري لماذا اخذت العاطفة اعضاء مجلس الدولة في هذا الموضوع الخطير ، فالله تعالى يقول "ولكم في القصاص حياة ياأولي الالباب لعلكم تتقون". نعم.. ياأولي الالباب. ان الملايين التي يصنعها المهرب من دماء ابنائنا لن توقغها عدد من السنوات يقضيها في السجن ، ان كبسولة الهيرويين التي يشتريها المهرب ب40 ريال عمان يبيعها في بلدنا ب1000 ريال . وكل كبسولة تصنع مائة جرعة تزرق في عروق اطفالنا وشبابنا الموت المادي والمعنوي ، موت أجيال المستقبل في الدول العربية، وهذا ماتسعى اليه بعض الشبكات العالمية. اننا نطالب اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والجهات المعنية بالاعلان عن نسب التهريب والترويج والتعاطي والوفيات وانواع المخدرات المتداولة سنويا ،فماتزال الارقام غائمة ومبهمة ولايعلن عنها مثل بقية الارقام . وان تقوم الجهات المعنية ومنها مجلس الدولة باعادة النظر في الجزئية التي تتناول المهرب في المادة43 فيحكم عليه بالاعدام، ولايترك الامر لتقدير القاضي، فتقدير القضاة وحكمهم بأخف العقوبتين كان مجالا خصبا ليرتع المهربون ويزداد الضغط علينا، وتتنوع المخدرات وتكثر ،ويزداد ضحايانا من الاطفال والشباب خلال السنوات الاخيرة.
نشر المقال في جريدة عمان الاحد 20 يوليو 2014 م