نبض الدار
مانزال نشهد العديد من الندوات والمؤتمرات كل عام ، ونشهد الكثير جدا من التوصيات التي تصدر عنها ، وتنشرها الصحف اليومية كسبق مهم جدا .ثم ينفض السامر ، وتمر الايام والشهور والسنين ولانشهد أي تطبيق للتوصيات التي خرجت بها تلك الوحدة في ندوتها او مؤتمرها .
غالبية الوحدات لاتملك دائرة يتمحور دورها في متابعة تطبيق التوصيات ، فتترك التوصيات للجهات المعنية في الوحدة دون متابعة . والعمل اذا لم يكن متابعا فانه يركد ويتلاشى في الادراج ؛ فمابالنا اذا تركت التوصيات دون متابعة ، وقتها تنسى الجهة المعنية تلك التوصيات بسبب انشغالها اليومي الروتيني وبما يشغلها من مشاغل آنية .
ان توصيات الندوات والمؤتمرات عادة لاتدخل  الى البنود التنفيذية للخطط السنوية والخمسية في الوحدات كي يبقى التنفيذ متابعا ، فالخطط السنوية والخمسية يتم متابعة تنفيذ بنودها من الجهات التخطيطية في الوحدة .
لذا اصبح اقامة ندوة او مؤتمر أمرا مرهونا بوقت الفعالية،  فاذا انتهت انفض السامر ماعدا القليل . وتتجه بعض الدوائر والمديريات في الوحدات الحكومية لعقد الندوات كنوع من الابراز الاعلامي لنفسها ولدورها ولصرف ميزانيتها . لكن الدور  والبروز الحقيقيين  يكون وقت تنفيذ توصيات الندوة ، وليس وقت عقد الندوة ، فبالتوصيات يتطور الاداء في الدائرة او المديرية . وبتطبيقها تذلل الصعاب وتنفذ المقترحات وقد نضجت واستوت بعد الحديث والحوار والنقاش الذي دار حولها في الندوة او المؤتمر .
كانت الفعاليات والاحتفاليات منذ حوالي عقدين تركز على الافتتاحات لعمل زخم  وظهور اعلامي لوحدة معينة ، فكل شاردة وواردة كان يقام لها حفل افتتاح او ختام ، وتلمع آلاف فلاشات الكاميرات وتمتلئ الصحف بصور الافتتاحات ، الى ان شهدنا تقلص ذلك الظهور غير المبرر والمبالغ فيه، فحمدنا الله بسبب توفير الاموال   .
اما الآن فكثرت الندوات لعمل ذلك الزخم والظهور الاعلامي ، لكن مع بقاء التوصيات في الادراج يأكلها النسيان .
ان الاعلام ضروري للوحدة كي تطلع المتابع على نشاطها ، لكن ان يصبح الهدف الاعلام للاعلام فقط دون تقدم حقيقي على أرض الواقع ، فان ذلك ليس بالمحمود .
ان المتابع الذي يقرأ التوصيات ويتفاءل خيرا له الحق ان يعرف ان كانت التوصيات قد طبقت بعد ان دغدغت مشاعره وعقله وهو يقرأها .
ان عقد الندوات والمؤتمرات يكلف ميزانية الوحدة اموالا كثيرة جدا ، لكن عندما لاتطبق فكأن الاموال هدرت دون نتيجة ، فغاية كل ندوة توصياتها ، واذا لم تنفذ التوصيات فالندوة لم تحقق أهدافها .
ومن جانب آخر نرى كثرة اقامة الندوات كل عام ، رغم ان بعض البرامج والمشاريع بغير حاجة الى ندوة توصي بتطبيقها ؛ لانها تحصيل حاصل ونتيجة طبيعية يدعو اليها سير الأداء والعمل وتقييمه وتطويره . فالندوة هنا زينة اعلامية غير لازمة وهدر مالي . فهل  الاستمرار في العمل وتطويره الدوري في حاجة الى ندوة او مؤتمر ؟
ان ترشيد الاداء في الوحدات أمر مهم وضروري كي نرشد صرف المال الحكومي، مع الكثير من الانجاز والتطور في الأداء . وان البحث عن الزخم الاعلامي والاحتفاليات للاثارة الاعلامية فقط لاتحقق ذلك الترشيد من قريب او بعيد .
*** نشرت في جريدة عمان ، الأحد 17اغسطس 2014