http://omandaily.om/?p=255579

القراءة في اقتصادات الدول، تجعلنا اكثر قدرة على فهم اقتصادنا ، وخاصة ان التشابه في العديد من الجوانب مثل ارتفاع نسبة البطالة في الايدي العاملة، او تدني مستوى مساهمة نشاط ما في الناتج القومي. 
حاليا يهمنا جدا في بلدنا ان  تكون لدينا بطالة صفر. وان يقل اعتمادنا على النفط كسلعة وحيدة، بحيث تتنوع مصادر الدخل القومي. 
في بلد سياحي بدرجة أولى كأندونيسيا يعاني الشعب الاندونيسي ليس البطالة فحسب بل الفقر ايضا، فهناك نسبة عالية من الشعب الاندونيسي تحت خط الفقر. وكذلك الحال في سريلانكا رغم ان النشاط السياحي فيه قديم ونشط جدا. وكذلك الحال مع اسبانيا واليونان البلدان السياحيان بامتياز، فلم تنجوا من آثار الهزة الاقتصادية الغربية، فأصبحتا بين ليلة وضحاها على خط الافلاس. 
العجيب ان الدراسات الاقتصادية تذكر ان القطاع الزراعي في اندونيسيا والذي تبلغ مساهمته في الناتج القومي حوالي 16% فقط، هو الاكثر قدرة على امتصاص الايدي العاملة، وتوفير العمل لمن لاعمل له الى اليوم.  كانت اندونيسيا تحقق الاكتفاء الذاتي من سلعة الأرز الذي يتناوله الشعب الاندونيسي في الافطار والغداء والعشاء.  لكنها تخلت عن الاهتمام بالزراعة لسبب ما بعد تغير سياستها وساستها، فأصبحت تستورد الأرز، وأصبح فلاحوها يهجرون الأرض الزراعية بسبب تغير السياسات وعدم توفير الدولة الدعم للمزراع وحمايته . فاذا لم تمطر السماء أصبح مصير المزارع على كف عفريت. فلا توجد في الريف الاندونيسي بنية تحتية تحمي المزارع الفلاح من تقلب الاحوال الجوية في موسم ما. 
الأرض وماتعطيه هي الأمان للانسان لكن الإنسان يهجرها قسرا الى المدن المزدحمة بحثا عن فرصة عمل تحقق له الأمان. وقد لاتأتي فرصة العمل هذه، فيسافر الى انحاء العالم باحثا عن عمل تحت عنوان عاملات منازل او سائقين أو طباخين. يقطعون الآف الكيلومترات بحثا عن عمل، وهذا مايحصل مع الشعب الاندونيسي اليوم.
في الغرب هناك دعم عظيم للمزارعين لدرجة انه قد يبيع محصوله عالميا بنصف سعر انتاجه ويبق رابحا. ومع التسهيلات التي تقدمها اتفاقية التجارة العالمية ينافس المزارع الغربي بمنتجاته الرخيصة منتجات الدول في أسواقها. فالمزارع غير المدعوم في بلد مثل اندونيسيا ينتج السلعة ويبيعها بسعر اغلى من السعر الذي يبيع به الغربي سلعته في اندونيسيا نفسها. 
وهو الحاصل بشكل من الاشكال في بلداننا، فالكثير من السلع الزراعية الخارجية تباع لدينا بأرخص مما ينتجها المزارع المحلي كونه يفتقد جوانب عديدة من الدعم، ومنها دعمه بالتسويق لمنتجاته التي لايلق لها سوقا منظمة . 
ويقول الاقتصاديون كلاما أخطر من ذلك، وهو ان المعونات الغذائية التي يقدمها الغرب بسخاء لبعض دول العالم كأندونيسيا وغيرها، وهي معونات على هيئة سلع زراعية تؤثر سلبا وبقوة على الزراعة في تلك الدول، لانها تساعد على تخفيض أسعار المنتجات الزراعية  المماثلة في تلك الدول، فيتأثر المزارع ولايربح من بيع منتجاته، فيزداد الهجران للارض الزراعية.  
ترى هل نعيش في عالم احتكرت فيه الدول الغربية الكبرى الزراعة لنفسها فقط، وأبقت للعالم اللمم منه فقط؟ولم تعد تشجع احدا في العالم بالتوجه الى الزراعة عبر شبكة خبرائها الذين ينفذون أجنداتها.  في الشرق الآسيوي مثلا هناك عشرات وعشرات من الفواكه الاستوائية الطيبة المذاق لانراها في أسواقنا او الاسواق العالمية بينما التفاح الامريكي والفستق السوداني الامريكي يلاحقاننا في كل مكان في العالم. حيث تضع  الدول الغربية مواصفات جودة على أي منتج زراعي خارجي، فتحقق عبره المنع والحجب عن سلع زراعية قد تنافس سلعها او قد تستحوذ على حصة في السوق العالمي!

tahiraallawati@gmail.com