http://omandaily.om/?p=253413
وطن الاندومي، والشعب الجميل المتواضع المنفتح المحب للناس. بلد التنوع العرقي. بلد شعاره الوحدة في التنوع. بلد عانى الاستعمار الهولندي لمدة 350عاما، امتص ثرواته ونهب خيراته، ولولا ملابسات الحرب العالمية الثانية واحتلال اندونيسيا من قبل اليابان لما استطاع شعبه الحصول على الاستقلال. 
بلد لم يزل يعاني العديد من المشاكل ومنها البطالة، وعدم وجود وظائف رغم ان السياحة واحدة من أهم الانشطة التي يتم التركيز عليها في مدن مثل بالي وباندونج ولومبوك وميدان وسوربايا ومالانغ و بادانغ وغيرها من المدن والمناطق. 
الاف الفنادق في بالي وغيرها لم تعد تعول كثيرا على السياحة الخارجية بعد أحداث بالي وقتل السياح الأجانب. 
لذا اتجهت البلد بقوة الى تشجيع السياحة الداخلية التي تشهد نموا مضطردا وكبيرا ، بحيث تمتلئ هذه الفنادق بالسكان المحليين وأسرهم واطفالهم عن آخرها. 
فتشهد الفنادق خصومات تصل الى 60% على حجوزات الغرف والأجنحة.  وتشهد المواقع السياحية تذاكر مخفضة للمواطنين وأسرهم تبلغ عشر سعر التذكرة للسائح الاجنبي. مع أسعار تذاكر طيران داخلي جيد في متناول الاسر المتوسطة الدخل. 
في اجازات عيد الفطر شهدت فنادق المدن ومواقعها السياحية مثل باندونغ وبونشاك وبالي وغيرها حركة نشطة جدا، وازدحاما كبيرا من المواطنين وأسرهم.  فكنت أشهد من غرفتي المطلة على حمام السباحة الضخم في الفندق ذي الاربعمائة غرفة في باندونغ عشرات وعشرات من الآباء والأمهات والاطفال وهم يستحمون منذ الساعة السادسة صباحا، في جو من الازدحام والضحك وأصوات الاطفال وهم يلهون بالمياه في فرحة غامرة.  وعندما أنزل للافطار أشهد ازدحاما آخر من الأسر واطفالهم في قاعة الطعام المهولة، وهي قاعة احتفالات ضخمة مع ملحق واسع تم تحويله لمطعم بدل مطعم الفندق الذي لايستوعب تلك الاعداد الكبيرة.  ويتكون بوفيه الافطار من انواع من الطعام المحلي الجاوي والسومطري وغيره، بينما الافطار الكونتيننتال ياخذ زواية صغيرة على عددنا نحن السياح الاجانب، حيث لانكاد نبين وسط هذا العدد الهائل.  لو ان الفنادق استمرت في المراهنة على السائح الاجنبي لأقفلت أبوابها منذ زمن. سياحة داخلية نشطة جدا لاتستوعبها حركة الطيران الداخلي النشطة والقوية عبر العديد من الشركات. الوضع في بالي ايضا بدأ ينحو على الشاكلة نفسها ولكن بنسبة أقل وعلى استحياء. فما تزال بالي بوجه من الوجوه جنة السياحة المنفلتة. 
في المواقع السياحية يتم تطبيق افكار جميلة ومبتكرة للجذب بحيث تستقطب الأعداد الكبيرة من الناس كي تبقي وتستمتع، مثل الأسواق والمطاعم العائمة او البحيرات والشلالات المصطنعة، او مزارع الفراولة والتفاح والورود، أو ركوب الخيل في سباقات.  افكار مبتكرة لكنها تجعل الاسرة تعود آخر النهار الى منزلها وقد استمتع جميع أفرادها صغيرهم وكبيرهم. ووسط ذلك هناك عشرات الخدمات التي يقدمها الشباب لهذه التجمعات فيكسبون عيشهم، فبعضهم ينظم المرور، وبعضهم يصور، وبعضهم يؤجر الحصران والفرش، وبعضهم يقطف الفراولة الطازجة ويقدمها عصيرا، وبعضهم يبيع منتجاته المنزلية من فطائر وكيك وحلويات. إنها نظرية الكل يربح وسط نسيج مجتمعي واحد لا نشاز له الا في بالي التي ماتزال تقاوم كي تبقى الحديقة الخلفية للسائح الاجنبي ونزواته اللامنتهية.

tahiraallawati@gmail.com