يسعى الكثير منا في استعادة علاقته بالقرآن الكريم في شهر الله.. شهر رمضان المبارك الذي انزل فيه القرآن. فنكثر قراءة كتاب الله الذي يرجو منا التدبر وليس القراءة لأجل استحصال الختمات، فيقول تعالى :"افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب أقفالها". 
فلكل قلب أقفاله التي تفقده الرغبة والقدرة على التدبر، فلا يغوص في عالم عميق وعظيم جدا . عالم غير عالم الاكل والشرب والنوم والتمتع الآني. 
عند تلاوة القرآن ترد المفردات متشابهة قريبة من بعضها البعض، ونظن انها تعطي المعنى نفسه، فنمر عليها مرور الكرام، مثل مفردات: المسلم، المؤمن، المتقي، البر، المهتدي، المحسن. لكل واحدة معنى منفصل وثابت ومحدد، والتدبر وحده هو الذي يزيل التشابه بينها. 
فالمسلم هو كل من قام بشرائع الإسلام و معتقداته و أخلاقه و آدابه ، فقد قال تعالى:"إن الدين عند الله الإسلام. "
أما المؤمن فهو من سخر قلبه و باطنه لله تعالى مخلصاً عمله في ذلك. فالمؤمن هو من ساءته سيئته وسرته حسنته، فان كان كذلك فهو مؤمن. 
فكم نحن بحاجة كي نعرف هل نحن مسلمون فقط ام مؤمنون عند حسن ظن ربنا، وهو يخاطبنا بين آية وأخرى ياأيها الذين آمنوا.. ويكررها خلال القرآن الكريم كله، مفترضا منا الايمان سلفا. هذا منهج الله تعالى بحسن الظن بنا، مثنيا على حبيبه المصطفى ذو الخلق القرآني الرفيع في أشد حالات عصيان أوامره في معركة أحد والهروب وعدم الثبات :" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك. "
اما التقوى فهي مراقبة أمر الله ونهيه في كل الأوقات والحالات، وهي رتبة عالية. ويعرف الامام علي التقوى بأنها: "الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل." ويزخر القرآن الكريم بصفات المتقين والدرجات العالية لهم في الجنان العالية. 
هناك مفردة أخرى في القرآن الكريم  وهي الإحسان، فنقرأ ان الاحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه. فاذا كانت التقوى هو خوف الله الملازم لقلوبنا في كل آن حتى لانخالف أمره ونرتكب نهيه، فان الاحسان خطوة اكثر تقدما، فليس الأمر ان نستشعر وجوده فقط، انما ان تستغرق في استشعار وجوده وكأننا نراه أمامنا. وفي المأثور النبوي:" أعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك. " ترى كم واحد منا وصل الى هذا مستوى الاحسان في العبادة. 
وهناك مفردة اخرى يتحدث عنها القرآن الكريم، وهي البر ومنها الأبرار :" ان الابرار لفي نعيم. "
ومعنى البر أن  يكون سر الإنسان مثل علانيته بمراقبة أمر الله ونهيه، وهو الإيمان والإحسان في العبادات والمعاملات، وهو أيضا التوسع في فعل الخيرات. 
ولاينتهي الأمر عند ذلك فهناك المهتدون،  فيقول الله تعالى :" ألم، ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين. " فالمهتدي هو من كان على نور من ربه، وكتاب الله هو الهدى. 
وتتعدد المفردات في القرآن الكريم،وكل مفردة لها مكان محدد ومعنى محدد مثل: الفائزون، المفلحون، الصادقون، الذاكرون، المطهرون، عباد الله، الأوابون، أولي الالباب،أصحاب اليمين، أصحاب الشمال، عليين، جنات النعيم، المقام المحمود، أسفل سافلين، جهنم، حجيم، سقر ..... الخ.  
ولايوجد تشابه بين مفردة وأخرى كما يظن البعض. بل معنى دقيق لكل مفردة. وهناك ترافق مفردتين معا وتعطي معنى ثالثا مثل" هدى للمتقين" او الفوز العظيم " فهناك فائز عادي وهناك فائز عظيم. أو :" فاتقوا الله ياأولي الالباب لعلكم تفلحون. "فنلاحظ استخدام ثلاثة مفردات التقوى والفلاح وأولي الألباب في معنى رابع جديد. 
ان القرآن الكريم مائدة الله العظيمة الزاخرة، فيقول الله تعالى عنها :" الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء. "
وأختم حديثي بمفردة" المقربين" لجمالها وعظمتها ، فقال الله عن المقربين في سورة الواقعة :والسابقون السابقون، أولئك المقربون، في جنات النعيم، ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين ." فهم من استكملوا النقص البشري، فاستحصلوا الكمالات بالجد والورع والاجتهاد فوصلوا الى جنات النعيم. ترى من يستطيع ان يصل الى مستوى المقرب من الله تعالى : "فأما ان كان من المقربين، فروح وريحان 
وجنة نعيم. "