نبض الدار

http://omandaily.om/?p=264932

قال جادا :أصبح الواتساب أهم من اولادنا، نطل عليه كل دقيقة، ونعطيه الرعاية، فنضع الهاتف في حضننا او على أذاننا بحب ولهفة، ونلبسه أثوابا جديدة كل مرة، وندفع فواتيره بسعة بال، ونعطف عليه، وحتى في الليل كلما تنبهنا من نومنا نطل عليه طلة حانية! 
ضحكت من اعماقي، فقد أصبح الجوال أكثر أهمية بالواتساب والفيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي. 
لكن يبقى الواتساب هو صاحب البريق الأقوى والمزعج الأكبر الى الآن لسهولته، وانتشاره حتى على مستوى القطاعات التي تنفر من التكنولوجيا الحديثة ومستوى كبار السن، وحتى غير المتعلمين، فالتسجيل الصوتي يعفيهم من حرج الكتابة. 
فالدعوات والعزومات أصبحت على الواتساب، ونسي بعض الناس ان يرفعوا سماعة الهاتف لدعوة على العشاء او دعوة لحضور زواج أو فرح.  وهو مايغيظ جدا،  بحيث يضطر الانسان ان يهمل الدعوة. انه تغير في العادات الاجتماعية كبير جدا، فليس مهم الدعوة في حد ذاتها وانما طريقة الدعوة بحيث يشعر المدعو انه يلقى التقدير بدعوة جدية وليس برسالة جماعية مزاجية. 
ويفترض البعض ان جميع الناس يفتحون الواتس كل دقيقة مثلهم، فيعتبون عتابا شديدا على أمر ما أرسلوه بالواتس ولم يتسن للآخرين مشاهدته في وقته.  واكثر الامور طرافة ان يرى الانسان نفسه فجأة في مجموعة دون ان يستأذنه أحد او يخبره أحد ماالمجموعة ومااهدافها، أو ان يطرد من مجموعة فجأة بعد ان أدخل اليها فجأة، فقط لأن مشاركاته نادرة اوقليلة بسبب انشغالاته.
وقبل توفر خدمة اخفاء آخر ساعة دخول، كانت الزوجات تكتشف علاقات الأزواج النسائية . وفي المجموعات الأسرية نكتشف بعد الأبناء أو قربهم منا عبر نمط أحاديثهم ومشاركاتهم او عبر مشاركتهم النشطة من عدمها، أو انسحابهم من المجموعة. ويبقى من الامراض الشائعة للواتساب ان يجلس الناس في دعوة غداء او عشاء او حفل وكلهم على رؤوسهم الطير لان كل واحد منشغل بهاتفه والواتساب الى ان تنتهي الدعوة،  فيذهب كل في حال سبيله، فقد عود الجوال والواتساب الناس ان يدخل كل واحد الى قوقعته، ولايهتم بالناس حوله كثيرا او قليلا، فضعف التواصل الإنساني المباشر بين الناس.  
ومن اكثر الامور اضحاكا ان يكون الشخص في اجتماع مهم، أو على المنصة امام الجمهور يلقي كلمة، وثم يلقي كل وجيزة  نظرة سريعة على الواتساب، وكأنه ينتطر مؤشر داو جونز ليعرف مصير أسهمه في سوق المال! 
وأصبح البعض يختبئ وراء الواتساب كي يكتسب أهمية في مكان ما. 
وتكثر المجموعات في الواتساب وخاصة مجموعات العمل التي تتحول الى مجموعات دردشة وسوالف، فاذا اراد الإنسان ان يعرف موعد اجتماع ما عليه ان يقرأ مائة او مائتين رسالة حتى يعرف الموعد. واكثر الامور احراجا في الواتساب ان يتواصل معك على الخاص أشخاص لاتعرفهم من خارج البلد او مجموعات من خارج البلد ترى نفسك عضوا فيها، فلا الناس في المجموعة معرفة ولا اللغة لغتك العربية! وتشعر بالحرج ولاتدري ماالتصرف المناسب وقتها. ترى كم من عادات أصيلة أصبح الواتساب يغيرها ونحن نجري وراءه، وكم من أوقات ثمينة يضيعها ، حدث ولاحرج. 

tahiraallawati@gmail.com