كل هذه الفوضى الخلاقة التي أتت بالحروب والتكفير والقتل في عقر دار العروبة في العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال وغيرها. فأصبح المواطن العربي المسكين يدفع فاتورتها الباهظة جدا من دمه ودم أطفاله وعوائله. 
هزتنا مأساة الطفل السوري آيلان بقوة عنيفة،  ووضعت انسانيتنا في أزمة عميقة وحادة.  ففي الوقت الذي لايجد ملايين اللاجئين السوريين والعراقيين ملاذا آمنا ولقمة عيش شريفة، تمتلئ بلداننا الخليجية عن آخرها بوافدين آسيويين من مجاهيل القارة شبه الهندية، يشكلون عبئا كبيرا علينا بسبب اختلاف العادات والتقاليد والقيم والثقافة و..و. 
امتلاء آسيوي أصبح يشكل خطرا ديموغرافيا كبيرا جدا علينا. فمن كان يتخيل قبل عدد قليل من السنوات ان نصل اليوم في السلطنة الى نسبة النصف بالنصف مع الوافد الآسيوي، وماتزال نسبتهم ترتفع كل صباح، وأرصدتهم المحولة بالمليارات تتضخم.  فأصبحت مسقط تحوي اليوم مواطنا مقابل إثنين منهم!!
ترى لو عكسنا الصورة وكانت الاغلبية من السوريين والعراقيين، هل كنا سنصاب بذلك القلق والهلع! وهل كنا سنعاني في القطاع الخاص كما نعاني اليوم من لوبيات الوافدين الآسيوية المتجذرة التي تحارب المواطن بشتى الطرق من تحت الطاولة، وبمخلب رب العمل العماني، بينما هي تبدي الابتسام والخضوع الظاهري، وهو ابتسام وقتي! لأن البعض منهم فقد صبره، وأصبح ينعتنا باللاجدوى وعدم الفاعلية، واننا شعب كسول لايعمل في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك استكمالا لحربهم ضد المواطن،وافقاده الثقة بنفسه وبأهليته، وفتح الباب لتراشق المواطنين التهم ضد بعضهم البعض. 
هل كان السوريون والعراقيون سيشكلون هذا الخطر الذي يتهددنا الآن بقوة.  
مانزال ندعي ان الاسيوي لايجرؤ ان يرفع عينه في أعيننا، وهو ادعاء متهافت يرضي غرورنا وشعورنا البغيض والكريه بالفوقية.  لكن في بلد خليجي مجاور لايستطيع المواطن المدلل ان يرفع عينه في عين الوافد الآسيوي، انها مسألة وقت وعدد قليل من السنوات كي يحصل عندنا ماحصل هناك. 
في خمسينيات القرن العشرين كانت للسلطنة تجربة جميلة في استيعاب العوائل الفلسطينية، فأصبحوا اليوم  جزءا من النسيج العماني دون أن نشعر بأية غضاضة.  فلم لانمد أيدينا الى السوريين والعراقيين ونفتح لهم الباب. على الاقل نوازن تلك الغالبية الآسيوية ونكسر تسلطها على مقدرات القطاع الخاص،وعلى مفاصل مهمة وحساسة من تجارة البلد وخيراتها. 
من منا يضمن ان تأتي غدا الدول الكبرى صاحبة الفوضى الخلافة لتفرض على بلدان الخليج تجنيس الآسيويين بالجملة، وتطلق علينا منظمات حقوق الانسان في هجوم كاسح، لنضطر بعدها الى تجنيس كل آسيوي على أراضينا؟ 
لماذا نستبعد هذا السيناريو البغيض؟ ماالضمانة لعدم حصوله في عالم تحركه مصالح الدول الكبرى؟ 
ان الضمانة الوحيدة ان نخفف اعدادهم ونوازنها بالجنسيات العربية، فهم منا وفينا! ولانشعر بأية غضاضة اتجاهم !  أو شعور بافتقاد الامن الوطني في وجودهم. انهم اضافة حقيقية، فأغلبهم متعلمون أرقى تعليم وأفضله، ويستطيعون ان يساهموا مساهمة فعالية في ازدهار البلد ورخائه جنبا الى جنبنا. ونكون بذلك قد قمنا بدورنا العربي المسؤول اتجاه مأساة الطفل الشهيد آيلان واخوه غالب وأمه، وخففنا شعورنا بالتأنيب الحاد إتجاه مأساته، وكل من على شاكلته من السوريين والعراقيين.

رفض نشره في صحيفة عمان