نبض الدار
http://omandaily.om/?p=279463
ان وضع أجهزة ضبط السرعة في الطرق والشوارع خفف من حوادث السير. مما يعطينا مؤشرا ان بعض البشر في حاجة الى ضبط خارجي كي يستقيم سلوكهم فلا يؤذوا أنفسهم أو الآخرين.  والأمر له علاقة بعادات الافراد وطريقة تفكيرهم وطريقة تبريرهم لكسر السرعة وقواعد السير، او الادمان لدى البعض على السرعات العالية والشهور بالانتشاء التي يراودهم عند زيادة السرعة الى حد كبير. 
في حديثي في المقال السابق عن اهتمام الصينيين بالتفاصيل الصغيرة، فانهم لم يكتفوا بوضع أجهزة ضبط السرعة، بل تعدوا ذلك الى تفصيل آخر، وهو ان تراقب هذه الاجهزة مع مجموعات الكاميرات المنتشرة بكثرة نظام السير كله في أي طريق صغيرا كان أو كبيرا.  وتستفيد شرطة المرور من هذه الكاميرات والصور التي تسجلها باستمرار في معرفة المخطئ في حوادث السير، وكذلك معرفة الاختناقات المرورية، وضبطها بتغيير مسارات السيارات الى طرق أخرى، بحيث لايزداد الاختناق المروري سوءا.  وهناك لوحات الكترونية تاخذ التغذية الراجعة من الكاميرات، وتبين للسائقين مكان الاختناق المروري كي يتجنبوه، ويسلكوا مسارا آخر مفتوحا، وتسهل حركة المرور. 
ان الانسان ليعجب من كثرة الكاميرات المثبتة على الطرق في الصين سواء الطرق السريعة او العادية، وهي كلها تزود مسؤولي المرور بمعطيات تفيده لتصميم حركة مرورية مثالية طوال الاربع والعشرين ساعة، وتجنب سائقي العربات أخطاء البشر وأخطاء الطرق.  
لذا ليس بمستغرب التزام سائقي العربات بسرعة الستين او الثمانين دون تجاوزها لدقيقة رغم خلو الطريق امامهم، والتزامهم بأنظمة المرور بدقة شديدة، فقد أصبحت المراقبة الدائمة تفرض على سائقي المركبات الالتزام التام مهما كانت الظروف. 
ان هذه المراقبة والمتابعة المروية الدائمة تؤكد نظرية ان هناك بشرا في حاجة الى دفع خارجي كي يلتزموا بالقانون المروري مهما كانت التوعية المرورية جيدة.  فالوازع الداخلي قد يقف عاجزا عن ايقاف الانسان عند حد معين.  وقد يقول قائل أليست الروح عزيزة على الانسان. نعم هي عزيزة، ولكن ادمان السرعة والشعور بالانتشاء جراء ذلك، او غيره من المستجدات أثناء السير مثل وجود مجموعة من الافراد أمامه يكسرون قواعد المرور يغريه بأن يقلدهم او يفعل كما يفعلون.  
ان وجود الآسيويين لدينا بكثرة واقتنائهم السيارات بكثرة، أثر للأسف على نظام السير عندنا، فصرنا نشهد كسر قواعد المرور بسهولة ويسر، لانهم أتوا من بلدان تعاني فوضى مرورية عارمة، ولامن ضابط لهم على الطرقات.  وهذه الفوضى أخذوا ينقلونها عندنا، فزادت الاختناقات المروية، وزاد الازدحام رغم اكتشافنا ونحن نسير بعدم وجود مايدعو الى الازدحام مثل عائق طارئ او حادث ما.  فهناك عربة يقودها سائق آسيوي في مسار التجاوز على راحته ومزاجه، والهاتف في يده وعلى أذنه، ومستغرق في مكالمة طويلة، والسيارات تزدحم خلفه واحدة وراء الأخرى الى ان تتجمع بكثرة وتغلق المسار، والمسارات كلها في الخلف، بينما الاعصاب تحترق والوقت يمر.  واختناق آخر عند الاشارات المرورية، فالاشارة خضراء لكن اخونا منشغل بسوالف مع رفيقه او في الهاتف، ولايهمه ان اصبحت حمراء او تكاثرت العربات خلفه واختنق المرور،  وغيره من الأمثلة كثير.  اختناقات مرورية بدون طارئ او حادث، وانما سوء سلوك مروري والتصرف وكأن الطريق ملكه الشخصي.