نبض الدار
http://omandaily.om/?p=297609
عندما تدخل مصيبة الموت احد البيوت على حين غرة ،فان اصعب مايعانيه اهل المتوفى هو كيفية تدبير الطعام والشراب واسباب الراحة للمعزين الذين لاتنقطع زيارتهم نهارا او ليلا وفي كل وقت وآن خلال ايام العزاء.
بعضهم يملك المال لكنه يكون مهموما بكيفية توفير الطعام ولوازمه حتى لايقال عنه انه قصر مع المعزين .وبعضهم لايملك فيستدين كي يوفر اللحم والفواكه وغيره بدون انقطاع خلال فترة العزاء .البعض صغار وايتام وتوفى عنهم ولي امرهم لكن يحتم على امهم الارملة ان توفر مستلزمات الطعام والشراب مهما كان وتحت أي ظرف .
ونشهد في العزاء السماط الممدود في اكثر من مكان بينما المعزون مشغولون بتقشير الفواكه وتناول الطعام واقداح القهوة والشاي التي تدور ولاتنقطع.ناهيك عن انتظارهم لوجبتي الغداء والعشاء ومالذ وطاب فيها .حيث تتعالى الاحاديث والأصوات والضحكات بينما اهل المتوفى لايدرون هل ينساقوا معهم رغم الحزن الذي يجللهم ام يتجاهلوا، فيقال انهم لم  يرحبوا بالضيوف حسب الاصول.
ترى هل هذه الصور من السنة النبوية الشريفة ؟ ان سنة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وآله تكره الاكل في بيت العزاء ،بل تدعو الجيران والمعزين الى ان يوفروا طعاما لاهل بيت العزاء ، فهم في انشغال وهم ومصيبة ولاتسمح حالتهم النفسية بالتفكير في الطعام والشراب حتى لأنفسهم .
وهل من السنة النبوية تعالي الاصوات والضحكات والكركرات في بيت العزاء مما يشكل عبئا على اهل المتوفي ويذهب بجلال المجلس وجو الحزن والالم ،حتى ليكاد أهل العزاء يضيقون ذرعا بهؤلاء المعزين لولا الحياء ،وأليس المتوفي في حاجة الى الدعاء وآيات من القران تقرأ كي يخفف عليه وهو في عالم حساب منكر ونكير. وأليس ذلك يخفف من شعور اهل العزاء بالمصيبة وهم يرون المشاركة من المعزين بقراءة الادعية وتلاوة القران الكريم.
لايكاد بيت اهل العزاء يخلو من المعزين في أي وقت وأي ساعة ،يحتلون غرف البيت جميعا ويجيؤون ويذهبون داخله ،وكأنها فرصة لتفحص الدار وغرفها وأثاثها وغيره من التفاصيل الصغيرة والكبيرة .ترى أليست مواقيت الصلاة تعطي حدا فاصلا للمعزين كي يعرفوا متى الزيارة ؟ فبعد صلاة الظهر أليس من حق اهل العزاء الخلو بأنفسهم بضع سويعات الى صلاة العصر ،فهم جالسون من الصباح الباكر في استقبال المعزين. وأليس لهم الحق بان يخلوا بأنفسهم بعد الساعة العاشرة ليلا على الاقل ، كي يستعيدوا أنفاسهم ويرتبوا أمورهم ويأخذوا قسطا من الراحة .
الحاصل الآن موت وخراب بيوت من كثرة الصرف على الطعام والشراب والتعب والارهاق المتواصل، وكأنهم في ماراثون معقد وصعب لايدرون متى ينتهي كي يتنفسوا الصعداء. فرفقا باهل العزاء، ولنتقي فيهم الله وسنة نبينا الكريم صلوات ربي عليه وآله وسلم.