نبض الدار
http://2016.omandaily.om/?p=395459
تنشط وسائل التواصل الاجتماعي ، فكل يوم هناك طرح ،وهناك موضوع ساخن يشارك فيه عدد كبير من رواد هذه الوسائل . يعم الهاشتاق بسرعة البرق ، وتحقق المواضيع "الترند". ولمن لايريد المتابعة يتابع رغما.
أصبح من المعتاد ان يفتح الناس وخاصة فئة المثقفين والشباب هذه الوسائل كل يوم ان لم يكن كل ساعة او ساعتين . تبث البوستات" والتغريدات ، فتقطع المسافات الجغرافية والحدود المكانية بلمح البصر ، ويتابع العالم بأكمله قضايا محلية بحتة ، لو انها أفردت في الصحافة المحلية لما تابعها من الخارج هذا الجمع الغفير من الناس ، ولما تفاعل معها بتلك القوة .
وأصبح الاعلامي والصحفي يسمع النصيحة التي تقال له ، انشر في وسائل التواصل اذا أردت ألا يتوقف مقالك او لا يتعامل معه مقص الرقيب الداخلي ، وهو رقيب ذاتي يقبع في معظم الاعلام التقليدي.
هل نقول ان الاعلام التقليدي يشهد هجرة الكتاب والمثقفين الى نافذة تبدو أرحب واكبر ، نافذة تشعره بفضاء حرية الكلمة من مقص الرقيب الداخلي الذي أصبح ثقيلا وغير مقنع ، لأنه لم يعد يملك قرار موضوعيا بسبب الاتصالات من هنا وهناك.
نطالب بقانون جديد للمطبوعات والنشر كي يعود الألق الى الاعلام التقليدي ، وكي تعود الطيور المهاجرة لوسائل التواصل الاجتماعي الى قواعدها من البوح والكتابة في الاعلام التقليدي، ومانزال ننتظر الولادة لهذا القانون ، فقد أصبح حلما ملحا يراودنا كل ليلة.
ان الكتاب المهاجرين الى المدونات والى التغريدات والبوستات ، يرون فضاءات أرحب فيما يكتبونه ، ويجدون ان كتاباتهم تضج بالحياة والحركة والزخم هناك ، ويتابعهم جمهور من نوع مختلف يشكل الشباب أغلبيته سواء من الداخل او الخارج، ويشعرون ان الوعي الاعلامي حقيقة تسير على قدمين .
انها مرحلة المخاض والتحولات ، فما تزال وسائل التواصل الاجتماعي في بدايتها ، وماتزال تفصح كل صباح عن امكانيات تقنية، وأخرى لها علاقة باتساع فضاء الكتابة على مداه. وسائل لافاصل فيها بين المحلي والعالمي ، فقد حولت العالم الى قرية صغيرة بحق ، قانون عالمي واحد يعطى مدى واتساعا في حرية الكلمة بدأ يتسيد مشهد حرية الاعلام ، وان كان لكل بلد نسخته المحلية ، فانها لن تختلف مع الايام قليلا او كثيرا عن القانون العالمي ، ففي هذا العالم الواحد هناك منظمات دولية لها قوانين موحدة حول حرية الكلمة والاعلام ،انها عولمة الحرية الاعلامية في أجمل تجلياتها .
اذا كان في جيلنا من أصبح لايؤمن بالاستثمار بفتح مجلة اوصحيفة او قناة تلفزيونية ، لانه يرى ان ماتوفره وسائل التواصل من امكانيات على الصعيد المادي والمعنوي للكلمة هو الخيار الافضل ، فان الاجيال اللاحقة ستأخذ قرارا سريعا نحو الاستثمار الاعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك الذي يشهد نموا طوليا وعرضيا مع تطور التقنيات وتطور الأداء وابداعاته.
هل اصبحت الكلمة خارج اطار حدود المكان والجغرافيا ، هل سنشهد استعصاء الكلمة على كل محاولات الرقيب الذاتي الذي ترهقه المكالمات والتنبيهات ؟ يبدو الامر كذلك ، ووقتها سيقول الزمن كلمته بأنه لاعزاء للاعلام التقليدي في العالم العربي الذي لم يستطع ان يحافظ على حرية الكلمة .
0 تعليقات