نبض الدار
http://2016.omandaily.om/?p=354798
من أكبر الاشكاليات التي تواجه الآباء والأمهات مع أبنائهم، أن الأبناء لايستمعون اليهم بحجة أنهم الأدرى والأعرف منهم بهذا الزمن ، وأن الآباء خبرتهم قديمة ولاتنفع في الوقت الحالي. فنشهد سقوط الأبناء في اخطاء ومطبات هم في غنى عنها لو استمعوا الى آبائهم .وتستهلك هذه المطبات والأخطاء الكثير من سني عمرهم ، وبعدها يصلون الى نتيجة مهمة، وهي ان ماقاله الآباء كان صحيحا مائة بالمائة، وانهم نادمون لأنهم فرطوا في خبرة الوالدين ولم يرغبوا الاستفادة منها. وكم منا يتذكر قولا لأبيه أو أمه ألقاه وراء ظهره في ذلك الوقت استهانة به ، ثم اكتشف بعد سنوات طويلة من التعثر والكدح ان ذاك الكلام كان عين الحقيقة. ويأتي هذا الاشكال بسبب الخلط الحاصل لدى الأبناء في نقطة مهمة ، وهي ان الخبرة الحياتية بما يتصل بأمور الحياة الثابتة لاتتغير كثيرا من جيل الى جيل ، فهذه الخبرة هي مايتم تراكمها ببطء شديد ، وهي لاتتغير من جيل الى جيل الا نادرا .لأنها قيم وثوابت بعضها من قيم الدين وبعضها من قيم وثقافة المجتمع الأصيلة. الثقافة المجتمعية والعقل الجمعي لمجتمع ما في مجتمع انساني ما ، وهي أساس الحياة . اما مايختلف من زمان الى زمان بين الأجيال ، فهي التكنولوجيا والتقنيات وماتتيحه من تغير أنماط بعض السلوكات .فقد كان آباؤنا يعرفون الهاتف الثابت ، فصرنا اليوم مع الجوال وشبكة المعلومات في نوعية تواصل مع الآخرين تختلف عن نوعية التواصل عبر الهاتف الثابت. وينبني على اختلاف نوعية التواصل التقني تغيرا في السلوك التواصلي ومايتيحه من فرص تختلف عما كان سائدا أيام الهاتف .لكن هذا لايغير اهمية وقيمة التواصل ، فمن كنا نزوره في ظرف مرضي ما نستطيع التواصل معه بالصوت والصورة الآن للاطمئنان عليه ان لم يكن لديه مانع وفضل هو هذه الوسيلة عن الزيارة. ويبقى الأساس وهو ان السؤال عن المريض قيمة انسانية ودينية واجتماعية لاتتغير. ومن هنا الاختلاف ، فقد يطالب الآباء أبناءهم بالتواصل مع الاهل والاقارب والسؤال عنهم كقيمة دينية وانسانية ومجتمعية ثابتة لايمكن ان تتغير أبدا مهما تطورت التكنولوجيا .لكن الأبناء قد يرون ان هذا السؤال عن الاهل والاقارب ضياع وقت لاطائل من تحته في زمان السرعة والتكنولوجيا .ويفضل ان يقضي وقته الثمين- كما يقول- في تبادل السناب شات مع اصدقائه او مع أناس جدد يتعرف عليهم في النت ، او يقضي وقته في شئ مفيد على النت ، مدعيا ان الآباء كان لديهم وقت فراغ لم يكونوا يعرفون كيف يقضونه بسبب ضعف التكنولوجيا في زمانهم ، او ان علاقة الأصدقاء أهم من علاقات الاهل والاقارب . وينفتح السجال بين شد وجذب بين الوالدين والأبناء ، وقد يقود في النهاية الى جفاء بين الطرفين يتطور الى المزيد من العناد والبعد عن دائرة الوالدين حتى يبتعد عن ملاحظاتهم التي أصبحت تؤذيه. ويزداد الطين بلة وتكبر الفجوات الصغيرة من موقف الى آخر .ويكبر اعراض الأبناء بزيادة الاعتماد على آراء وأفكار الاصدقاء مستعيضين بهم عن الآباء. وقد يموت الوالدان ومايزال الأبناء على هذا اليقين الى ان يكبروا ويبيض شعرهم ،فيفهموا من الحياة وتجاربها المعقدة بأن ماقاله الوالدان كان عين الحقيقة. سنوات طويلة تمر بين الرفض والقبول لهذه الخبرة وغيرها من خبرات الحياة التي يبذلها الآباء من باب الشفقة والحب لأبنائهم .لكن الأمر يتكرر في معظم البيوت ومعظم الأجيال ، ويبقى مايسمى بالفجوة بين الأجيال ، فجوة قد تكون واسعة لدى بعض الأسر وضيقة لدى البعض ، لكنها فجوة بكل الأحوال ويحتاج ان تعالج بحرص وأناة من الطرفين ، فلا يفقد الوالدان صبرهما وحنكتهما في المعالجة، وخبرتهما في كيفية المعالجة ، وان لايملأ الابناء الغرور والثقة الزائدة بأنفسهم واندفاعة شبابهم ، وقناعاتهم بحكمة وعصمة أفكارهم .
http://2016.omandaily.om/?p=354798
من أكبر الاشكاليات التي تواجه الآباء والأمهات مع أبنائهم، أن الأبناء لايستمعون اليهم بحجة أنهم الأدرى والأعرف منهم بهذا الزمن ، وأن الآباء خبرتهم قديمة ولاتنفع في الوقت الحالي. فنشهد سقوط الأبناء في اخطاء ومطبات هم في غنى عنها لو استمعوا الى آبائهم .وتستهلك هذه المطبات والأخطاء الكثير من سني عمرهم ، وبعدها يصلون الى نتيجة مهمة، وهي ان ماقاله الآباء كان صحيحا مائة بالمائة، وانهم نادمون لأنهم فرطوا في خبرة الوالدين ولم يرغبوا الاستفادة منها. وكم منا يتذكر قولا لأبيه أو أمه ألقاه وراء ظهره في ذلك الوقت استهانة به ، ثم اكتشف بعد سنوات طويلة من التعثر والكدح ان ذاك الكلام كان عين الحقيقة. ويأتي هذا الاشكال بسبب الخلط الحاصل لدى الأبناء في نقطة مهمة ، وهي ان الخبرة الحياتية بما يتصل بأمور الحياة الثابتة لاتتغير كثيرا من جيل الى جيل ، فهذه الخبرة هي مايتم تراكمها ببطء شديد ، وهي لاتتغير من جيل الى جيل الا نادرا .لأنها قيم وثوابت بعضها من قيم الدين وبعضها من قيم وثقافة المجتمع الأصيلة. الثقافة المجتمعية والعقل الجمعي لمجتمع ما في مجتمع انساني ما ، وهي أساس الحياة . اما مايختلف من زمان الى زمان بين الأجيال ، فهي التكنولوجيا والتقنيات وماتتيحه من تغير أنماط بعض السلوكات .فقد كان آباؤنا يعرفون الهاتف الثابت ، فصرنا اليوم مع الجوال وشبكة المعلومات في نوعية تواصل مع الآخرين تختلف عن نوعية التواصل عبر الهاتف الثابت. وينبني على اختلاف نوعية التواصل التقني تغيرا في السلوك التواصلي ومايتيحه من فرص تختلف عما كان سائدا أيام الهاتف .لكن هذا لايغير اهمية وقيمة التواصل ، فمن كنا نزوره في ظرف مرضي ما نستطيع التواصل معه بالصوت والصورة الآن للاطمئنان عليه ان لم يكن لديه مانع وفضل هو هذه الوسيلة عن الزيارة. ويبقى الأساس وهو ان السؤال عن المريض قيمة انسانية ودينية واجتماعية لاتتغير. ومن هنا الاختلاف ، فقد يطالب الآباء أبناءهم بالتواصل مع الاهل والاقارب والسؤال عنهم كقيمة دينية وانسانية ومجتمعية ثابتة لايمكن ان تتغير أبدا مهما تطورت التكنولوجيا .لكن الأبناء قد يرون ان هذا السؤال عن الاهل والاقارب ضياع وقت لاطائل من تحته في زمان السرعة والتكنولوجيا .ويفضل ان يقضي وقته الثمين- كما يقول- في تبادل السناب شات مع اصدقائه او مع أناس جدد يتعرف عليهم في النت ، او يقضي وقته في شئ مفيد على النت ، مدعيا ان الآباء كان لديهم وقت فراغ لم يكونوا يعرفون كيف يقضونه بسبب ضعف التكنولوجيا في زمانهم ، او ان علاقة الأصدقاء أهم من علاقات الاهل والاقارب . وينفتح السجال بين شد وجذب بين الوالدين والأبناء ، وقد يقود في النهاية الى جفاء بين الطرفين يتطور الى المزيد من العناد والبعد عن دائرة الوالدين حتى يبتعد عن ملاحظاتهم التي أصبحت تؤذيه. ويزداد الطين بلة وتكبر الفجوات الصغيرة من موقف الى آخر .ويكبر اعراض الأبناء بزيادة الاعتماد على آراء وأفكار الاصدقاء مستعيضين بهم عن الآباء. وقد يموت الوالدان ومايزال الأبناء على هذا اليقين الى ان يكبروا ويبيض شعرهم ،فيفهموا من الحياة وتجاربها المعقدة بأن ماقاله الوالدان كان عين الحقيقة. سنوات طويلة تمر بين الرفض والقبول لهذه الخبرة وغيرها من خبرات الحياة التي يبذلها الآباء من باب الشفقة والحب لأبنائهم .لكن الأمر يتكرر في معظم البيوت ومعظم الأجيال ، ويبقى مايسمى بالفجوة بين الأجيال ، فجوة قد تكون واسعة لدى بعض الأسر وضيقة لدى البعض ، لكنها فجوة بكل الأحوال ويحتاج ان تعالج بحرص وأناة من الطرفين ، فلا يفقد الوالدان صبرهما وحنكتهما في المعالجة، وخبرتهما في كيفية المعالجة ، وان لايملأ الابناء الغرور والثقة الزائدة بأنفسهم واندفاعة شبابهم ، وقناعاتهم بحكمة وعصمة أفكارهم .
0 تعليقات