نبض الدار
http://2016.omandaily.om/?p=361238
"ساق البامبو" مسلسل كويتي جاري عرضه في رمضان الحالي ، وقد أصبح مشاهدا من قبل عدد كبير من الخليجيين وخاصة بعد خبر عدم إجازة عرضه في الكويت.
السنعوسي مؤلف رواية "ساق البامبو" يتحدث عن قضية عائلية واجتماعية ، قضية عدم قبول الآخر من باب أن الآخر أدنى درجة وقيمة في اعتبار المجتمع ، لارتباطه بفئة عمال البيوت والخدم ، والتي يظن البعض انه من العار الاجتماعي ان يتم الارتباط بها ، فعائلة الطاروف الغنية والمعروفة ترفض الاعتراف بالشاب الذي ولدته ام فلبينية بزواجها السري من ابن الطاروف ، الابن الوحيد للأسرة والذي تزوج من الشغالة الفلبينية العاملة في منزلهم.
وتتصاعد الأحداث في دراما تدور حول الشاب الذي يحمل ملامح أمه الفلبينية ، ويرجو الاندماج في مجتمع أبيه . حلقات تمتد بين مد وجزر ، وقبول ورفض من قبل أفراد الأسرة الغنية، وتتمحور حول جدة سليطة وعمات تتباين رؤاهن حول الشاب، إلى ان يتم رفضه نهائيا.
هل المسلسل تعبير عن رفض المجتمع الخليجي لهذا النوع من الأبناء ؟ هل هي قصة عدم قبول المجتمع للآخر المختلف في عرقه أوطبقته الاجتماعية ؟ هل هي قصة مجتمع ينظر بشوفينية شديدة الى الفقير من الضفة الأخرى ؟
لنترك ساق البامبو قليلا وننظر الى القرنفل الافريقي ، ذلك التاريخ البعيد الذي عرف في بيوت الجزيرة ، فتاة أو فتيات افريقيات تم بيعهن جواري وإماء لبيوت الأغنياء والموسرين . عبودية واضطهاد وتسخير لهن إلى اقصى الحدود لخدمة رغبات أسيادهن الرجال الى أن يمتن جواري وإماء .
هكذا كان الوضع قبل الاسلام، لكن بقوة تحول غريبة كانت موجودة في الرسالة الاسلامية بدأ العد العكسي لتحول هؤلاء النسوة الى جزء أساس ومهم في المجتمعات الخليجية والعربية والاسلامية ، فشهد العرب بقوة الاسلام الناعمة مااستصلح على تسميته ب " أم ولد" ، تلك المرأة الأمة أو الجارية التي تكون في بيت سيدها ،لكنها تصبح بين ليلة وضحاها حرة ، لأنها حملت طفلا في أحشائها من سيدها ، طفل يولد ويكون سيدا وحرا ، ومن ورائه تصبح هي حرة وسيدة، وذات قوة وسلطة ، فتصول وتجول في القصر المنيف أو الدار الفسيحة . واختلطت الدماء كثيرا جدا مع القرنفل الافريقي وعروق أخرى .ويحكي التاريخ عن أبناء الجواري الذين تسيدوا وحكموا ، وأشهرهم الخلفاء ابو جعفر المنصور وهارون العباسي والمأمون العباسي وأغلب حكام الدولة العباسية . يقول الجاحظ :"سئل بعضهم عن ولد الرومية؟ فقال:صلف معجب بخيل، قيل فولد الصقلية؟ قال: طفس زنيم. قيل: فولد السوداء؟ قال شجاع سخي....."
وقد شهد التاريخ هذا التداخل في أعرق وأكبر العائلات ، ولا نتفاجأ كثيرا عندما نتصفح وجوه سكان الحجاز ومكة المكرمة ، فنرى الملامح الفلبينية والاندونيسيةوالافريقية والهندية والاوروبية تتجسد في معظم العوائل الحجازية بسبب شدة الاختلاط الذي يأتي من اقتران الرجل والشاب بنساء هذه البلدان قديما وحديثا ، قديما بالجواري والإماء ، وحديثا بالزواج من أسر كادحة وفقيرة هاجرت من بلدانها الى الحجاز ، وتقوم على خدمة الحاج والمعتمرين ، فلم يعد المجتمع الخليجي يجد غضاضة أبدا من ارتباط الشاب والرجل بأي لون او شكل او عنصر أوطبقة اجتماعية او قومية.
اشكالية ساق البامبو ليست اشكالية مجتمع خليجي اتجاه هذا النوع من الزيجات قدر ماهي إشكالية بعض الأغنياء الذين يرون أنفسهم من ذوي الدماء الزرقاء ، فيحرمون الارتباط من الفقيرات والبسيطات ، ويحاولون وضع قوانينهم الخاصة التي تحركها الطبقية ، ويرغبون بفرضها على المجتمع . وإلا فان المجتمع الخليجي مايزال ينظر الى هذا النوع من الزيجات وماينتج عنها من أبناء أمرا طبيعا وعاديا لايسئ الى الأسر أو المجتمع . وتسود في الخليج موضة زواج الرجال كبار السن من القارة الهندية واندونيسيا، من فتيات فقيرات وعاملات في البيوت ، ومن يزر بونشاك في اندونيسيا، أو مومباي في الهند ، سيرى العدد الكبير من الخليجيين مع أبنائهم بالملامح الاندونيسية أو الهندية . ان ساق البامبو ليست قصة عدم قبول المجتمع لزواج الرجل من غير قوميته أوطبقته، وانما قصة عدم قبول أسرة غنية بطفل من أمرأة فقيرة وخادمة . أما المجتمع فلا غضاضة لديه ، ولم يعد من العيب أو العار لديه اقتران الرجل او الشاب بأيما إمرأة من شرق العالم أو غربه ، فقيرة أو غنية ، خادمة او أميرة ، مسلمة أو مسيحية. فلماذا تريد أسرة الطاروف ان ترجعنا للوراء .
http://2016.omandaily.om/?p=361238
"ساق البامبو" مسلسل كويتي جاري عرضه في رمضان الحالي ، وقد أصبح مشاهدا من قبل عدد كبير من الخليجيين وخاصة بعد خبر عدم إجازة عرضه في الكويت.
السنعوسي مؤلف رواية "ساق البامبو" يتحدث عن قضية عائلية واجتماعية ، قضية عدم قبول الآخر من باب أن الآخر أدنى درجة وقيمة في اعتبار المجتمع ، لارتباطه بفئة عمال البيوت والخدم ، والتي يظن البعض انه من العار الاجتماعي ان يتم الارتباط بها ، فعائلة الطاروف الغنية والمعروفة ترفض الاعتراف بالشاب الذي ولدته ام فلبينية بزواجها السري من ابن الطاروف ، الابن الوحيد للأسرة والذي تزوج من الشغالة الفلبينية العاملة في منزلهم.
وتتصاعد الأحداث في دراما تدور حول الشاب الذي يحمل ملامح أمه الفلبينية ، ويرجو الاندماج في مجتمع أبيه . حلقات تمتد بين مد وجزر ، وقبول ورفض من قبل أفراد الأسرة الغنية، وتتمحور حول جدة سليطة وعمات تتباين رؤاهن حول الشاب، إلى ان يتم رفضه نهائيا.
هل المسلسل تعبير عن رفض المجتمع الخليجي لهذا النوع من الأبناء ؟ هل هي قصة عدم قبول المجتمع للآخر المختلف في عرقه أوطبقته الاجتماعية ؟ هل هي قصة مجتمع ينظر بشوفينية شديدة الى الفقير من الضفة الأخرى ؟
لنترك ساق البامبو قليلا وننظر الى القرنفل الافريقي ، ذلك التاريخ البعيد الذي عرف في بيوت الجزيرة ، فتاة أو فتيات افريقيات تم بيعهن جواري وإماء لبيوت الأغنياء والموسرين . عبودية واضطهاد وتسخير لهن إلى اقصى الحدود لخدمة رغبات أسيادهن الرجال الى أن يمتن جواري وإماء .
هكذا كان الوضع قبل الاسلام، لكن بقوة تحول غريبة كانت موجودة في الرسالة الاسلامية بدأ العد العكسي لتحول هؤلاء النسوة الى جزء أساس ومهم في المجتمعات الخليجية والعربية والاسلامية ، فشهد العرب بقوة الاسلام الناعمة مااستصلح على تسميته ب " أم ولد" ، تلك المرأة الأمة أو الجارية التي تكون في بيت سيدها ،لكنها تصبح بين ليلة وضحاها حرة ، لأنها حملت طفلا في أحشائها من سيدها ، طفل يولد ويكون سيدا وحرا ، ومن ورائه تصبح هي حرة وسيدة، وذات قوة وسلطة ، فتصول وتجول في القصر المنيف أو الدار الفسيحة . واختلطت الدماء كثيرا جدا مع القرنفل الافريقي وعروق أخرى .ويحكي التاريخ عن أبناء الجواري الذين تسيدوا وحكموا ، وأشهرهم الخلفاء ابو جعفر المنصور وهارون العباسي والمأمون العباسي وأغلب حكام الدولة العباسية . يقول الجاحظ :"سئل بعضهم عن ولد الرومية؟ فقال:صلف معجب بخيل، قيل فولد الصقلية؟ قال: طفس زنيم. قيل: فولد السوداء؟ قال شجاع سخي....."
وقد شهد التاريخ هذا التداخل في أعرق وأكبر العائلات ، ولا نتفاجأ كثيرا عندما نتصفح وجوه سكان الحجاز ومكة المكرمة ، فنرى الملامح الفلبينية والاندونيسيةوالافريقية والهندية والاوروبية تتجسد في معظم العوائل الحجازية بسبب شدة الاختلاط الذي يأتي من اقتران الرجل والشاب بنساء هذه البلدان قديما وحديثا ، قديما بالجواري والإماء ، وحديثا بالزواج من أسر كادحة وفقيرة هاجرت من بلدانها الى الحجاز ، وتقوم على خدمة الحاج والمعتمرين ، فلم يعد المجتمع الخليجي يجد غضاضة أبدا من ارتباط الشاب والرجل بأي لون او شكل او عنصر أوطبقة اجتماعية او قومية.
اشكالية ساق البامبو ليست اشكالية مجتمع خليجي اتجاه هذا النوع من الزيجات قدر ماهي إشكالية بعض الأغنياء الذين يرون أنفسهم من ذوي الدماء الزرقاء ، فيحرمون الارتباط من الفقيرات والبسيطات ، ويحاولون وضع قوانينهم الخاصة التي تحركها الطبقية ، ويرغبون بفرضها على المجتمع . وإلا فان المجتمع الخليجي مايزال ينظر الى هذا النوع من الزيجات وماينتج عنها من أبناء أمرا طبيعا وعاديا لايسئ الى الأسر أو المجتمع . وتسود في الخليج موضة زواج الرجال كبار السن من القارة الهندية واندونيسيا، من فتيات فقيرات وعاملات في البيوت ، ومن يزر بونشاك في اندونيسيا، أو مومباي في الهند ، سيرى العدد الكبير من الخليجيين مع أبنائهم بالملامح الاندونيسية أو الهندية . ان ساق البامبو ليست قصة عدم قبول المجتمع لزواج الرجل من غير قوميته أوطبقته، وانما قصة عدم قبول أسرة غنية بطفل من أمرأة فقيرة وخادمة . أما المجتمع فلا غضاضة لديه ، ولم يعد من العيب أو العار لديه اقتران الرجل او الشاب بأيما إمرأة من شرق العالم أو غربه ، فقيرة أو غنية ، خادمة او أميرة ، مسلمة أو مسيحية. فلماذا تريد أسرة الطاروف ان ترجعنا للوراء .
0 تعليقات