نبض الدار


شخص الطبيب مرض شابة بأنها مصابة بالسرطان ،وأشار عليها بالمسارعة إلى العلاج. مرت الشهور والشابة لم تقتنع أنها تحمل في صدرها سرطانًا . أشير عليها بضرورة استئصاله لئلا يتفشى في أعضائها الأخرى فلم تستجب ، سنة كاملة وهي على حالها،  وأمها تتردد على مواقع العلاج الشعبي والمعلمين،  معتقدة اعتقادًا جازما أن ما أصاب ابنتها حسد وسحر من أقاربها ،فاتهمت من اتهمت وحدثت الخصومات، ووصلت البنت إلى حالة ميئوس منها بسبب تفشي المرض في كامل جسدها ، وتغير هيئتها ، ووصلت الى العمى وثقل اللسان ، ولم تعد تستطيع الحركة والمشي . رحلت الشابة بعد صراع رهيب مع المرض وآلامه الشديدة  .لكن ماتزال الأم تدعي وتشتم وتخاصم أقاربها،  ليقينها أنهم سحروا الفتاة وأخذوها  !! وزرعت هذا الوهم في نفوس أبنائها المتعلمين !؟
للأسف،  العديد من مرضى السرطان في بعض المناطق لديهم يقين تام بأنهم مسحورون ، ويمتد هذا الوهم الى حيواناتهم وأشجارهم ، فكل مرض تفسيره السحر ، ولامانع من اتهام أقرب الاقرباء كالأخوة والاخوات  أو الجيران المقربين . وتحاك الحكايات الخيالية ، ويمتد حبل العداوات كي يقطع العلاقات الحميمة بين ليلة وضحاها ، وتشتعل الاحقاد ، وتتوارث أجيالا بسبب سحر متخيل، بينما يزداد المشعوذون مالا وثراء.
اما الامراض النفسية فحدث ولاحرج ، فكل مرض نفسي يتم إرجاعه الى السحر، لذا لايستغرب الاطباء النفسيون وصول المريض النفسي اليهم ، وهو على حافة الموت بسبب اشتعال جسمه بالوسم ، وأكله علاجات غريبة عجيبة تسبب التلوث والجفاف والتهابات الكبد الوبائي، والتسمم بالحديد والرصاص، وانهيار الصحة الجسمية .
فكل مريض بالفصام يجب ان تعمل له حفلة زار كي يخرج الجن من جسمه ، وكل مكتئب مسحور ، وكل صاحب وسواس قهري ضربه الساحر بعصاه ، فلا يوجد اعتراف من البعض بالأمراض النفسية ، بينما يستسهلون تخيل منظومة السحر والحسد والجن وسيطرتهم .
قصص مؤلمة عديدة لمرضى نفسيين كان سهل علاجهم ، لكن السحر المتخيل أوصلهم الى الموت بعد معاناة طويلة مع علاجات المشعوذين ومدعي الطب الشعبي.