نبض الدار
جريدة عمان 26 / 9 / 2017

هناك حماس واضح في بعض الوحدات لإحلال الدماء الجديدة ، وفتح الباب على مصراعيه للشباب وطاقاته وقدراته.. وخاصة أصحاب الشهادات العليا ، وهو أمر جميل ومحمود ونرغب به ، وهو يحمل الشباب مسؤولية مضاعفة وكبيرة جدا.
بعض الاحيان العمل في الوحدات يميل إلى الروتين بسبب لوائح وأنظمة  العمل نفسه  ، وأحيانا كثيرة جدا بسبب طريقة تفكير القائمين بالعمل. ولذا كانت المطالبة بتجديد الدماء، وإحلال الدماء الجديدة  للتغلب على البطء والروتين وعدم التجديد والمعوقات الادارية، وتعديل أنظمة العمل ولوائحه  .
لكن يبدو ان الكثير من الدماء الجديدة الشابة وقعت في الروتين نفسه ، فهي تفتقد الخبرة الادارية،  والدربة التي تسند القرار وتدعمه ، وتدفعه الى الامام بقوة ، وتفتقد القدرة على تحمل نتائج القرار ومعرفة آثاره ، لخوفها من  الخطأ الإداري،  فتقع في الروتين وطول الاجراءات وتكرار سلوكات إدارية مملة ومتعبة يفترض انه تم تجاوزها في وحدات تكاد تبلغ من العمر نصف قرن من الأداء والعمل. ولا تستطيع مراكمة الخبرة سريعا وفي وقت قياسي لتعديل اللوائح وأنظمة العمل رغم شهاداتها العالية.
وهكذا نعود إلى المربع الأول ونحن نبحث بين العيون  عن صاحب خبرة يختصر الجهد والوقت والإجراءات، ومدرب على فهم نقاط ضعف بعض اللوائح والانظمة، لتعود للوحدة فاعليتها في الأداء.
ان احلال الشباب امر مهم وضروري جدا مع سنوات الخبرة الإدارية التي تعطي النضج والمرونة وسرعة اتخاذ القرار وتقدير النتائج قبل البدء، وتحمل المخاطر، والقدرة على المشاركة في تعديل بعض اللوائح والأنظمة التي تخفف الروتين والبطء. 
ان وضع الكثير من أصحاب الخبرة الادارية المهمة على الرف قبل أوان التقاعد - وهي السن القانونية التي جرى التعارف عليها بان يتوقف الانسان فيها عن العمل - يفقد الوحدة واحدة من أدواتها المهمة والكبيرة للإنجاز  ، ويعود بها إلى المربع الأول، ذلك المربع الذي لا يحقق لها النمو والتقدم المطرد الذي ترغبه وتعمل لأجله . وايضا يشعر هؤلاء بأنهم رغم كدهم وسعيهم طوال سنوات الخدمة لم ينالوا ما يستحقونه من تقدير على عطائهم وأدائهم وتفانيهم لسنوات طويلة من اعمارهم. فيرون المطالبة لإحلال الشباب الصغير أمرا مقصودا من البعض للتخلص منهم ومن منافستهم القوية . فهم لهم الحق على هذه الوحدة التي أفنوا عمرهم في خدمتها، وانتظروا الترقية الإدارية حسب القوانين الإدارية بفارغ الصبر . وعندما أتى دورهم تم ركنهم وتجاوزهم بحجة احلال الدماء الجديدة.
ان تجديد الدماء مع تأطيرها بأصحاب الخبرة والدراية الإدارية هي ما يحقق قوة الوحدة ونموها السريع وتقدمها،  ويحافظ على مكتسبات ومنجزات  سنوات طويلة ومديدة من عمر الوحدة.