نبض الدار/ جريد عمان / نشر في 30 مايو 2017 
tahiraallawati@gmail.com

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي فقط لمعرفة الاخبار والاحداث ومتابعتها ، فالبعض كالانستغرام مثلا اصبح سوقا بألف لون ولون ، نلاحظ حمى العرض الانستغرامي لكافة انواع البضائع للرجال والنساء والاطفال على السواء ، سلع من كل الاشكال والالوان والاذواق ، مرفقة مع صور وفيديوهات قصيرة ملونة وأنيقة وجاذبة ، عالم يتسع كل يوم ويغرق في لجته الاستهلاكية المزيد من الفتيات الصغيرات والفتيان  . صحيح بحر السلع الجاذب للفتيات والنساء اكبر وأعمق ، لكن الكل يكاد يغرق فيه ، فقد قصرت المسافات ، وقرب البعيد ، وسهل الصعب ، وفتح باب التنافس المحموم على الشراء بآلاف من " اللايكات" والقلوب الحمراء على صورة او فيديو السلعة او الخدمة المعروضة.
ان الانستغرام شجع الاعلان والدعاية لعالم الاستهلاك اللامتناهي بقوة ، فانت ترى فيه الشخصيات الفنية والرياضية والاجتماعية والسياسية ومشاهير الاعلام والشخصيات العامة ،وقد اقتنت السلعة  وتعرض صورها وهي تستخدمها . فالاستعراض والمفاخرة جزء مكمل لغريزة الشراء الاستهلاكي ، وهذا الاستعراض يدفع الى تنافس أكبر وأقوى على سلع وبضائع وخدمات جديدة ومستحدثة ، فلا قريحة التاجر تتوقف عن ابتكار الجديد ، ولا المعلن يكف عن التفنن في اعلانه. فالافتتان والتنافس سيدا الموقف في كل الحالات ، والريالات الكثيرة تنسرب وتتسرب ، بينما عقلية القطيع تسيطر ، فتدغدغ وتحرك غريزة الشراء بدون وعي وانتباه .
قد لاتكون البضاعة شيئا مهما ، وقد تكون مكررة لما عندنا ، وقد تكون فقط شكلا جميلا بلا مضمون، لكن الشراء حار ومحموم .
هو الاستهلاك بألف لون  ، فلم يتخل التاجر عن غريزته بالبحث عن مشتر  ، والمجال مفتوح ، والعم غوغل لامانع لديه ان يضع الاعلان في كل أوعيته الرقمية ، بل وفي التطبيقات الالكترونية ، وان كان التطبيق طبيا او دينيا ، ولايختلف الحال ان كان التطبيق كتاب الله العزيز او كتاب حديث شريف او سيرة نبوية ، فيأتيك الاعلان عن حذاء "سنيكرز" او قميص رجالي او فستان سهرة ، بينما تقرأ الآيات القرآنية او تحفظ الحديث الشريف.
يبدو ان وسائل التواصل اصبحت سوقا تجارية عالمية ضخمة في هواتفنا الصغيرة تدفع الناس لروح الاستهلاك دفعا وتسوقهم سوقا  .