نبض الدار
جريدة عمان 22 / 8 / 2017

tahiraallawati@gmail.com 

يتقدم علم النفس بقوة ويثبت نفسه كل يوم بمزيد من الكشوفات والنظريات، بحيث أصبح علم النفس الفرويدي الملئ بالاساطير خلفنا. واصبح هذا العلم يرفد العلوم الإنسانية الاخرى بقوة مثل علوم الادارة.
ومن النظريات الجميلة في علم النفس ، أن السلوك الإنساني يُظهر خصائص إيجابية باستمرار ، والتي تبدو على شكل جهود والتزام في العمل ، وهو ما تسميه النظرية بـ "اتجاهات النمو الفطرية". فلدى الأفراد الرغبة والحاجةالنفسية الى البناء في بيئات أعمالهم ، والمساهمة بدور إيجابي فيها.  
ينجح البعض بأن يندفعوا في أعمالهم ومجالاتهم الخاصة التي ينشأونها او يبتكرونها ،  بينما الكثير يندمجون في عالم العمل العام او في الشركات ، حيث يعطون وينتجون ويبدعون، ويصبح العمل الذي يمارسونه محور حياتهم واهتمامهم، لذا عندما يصلون إلى التقاعد وينفصلون عن أعمالهم،  يشعرون بأن الحياة توقفت او انتهت بالنسبة لهم ، فيذوون سريعا ويموتون. 
ولكي تكون بيئة العمل حافزة ودافعة لهم ، فإن النظرية تقول ان هناك ثلاثة محددات او حاجات أساسيةيجب ان تشبع لدى الفرد في بيئة العمل ، وهي: حرية الاختيار والكفاءة والارتباط . وهذه الحاجات الثلاثة يُعتقد أنها تنشأ من ذات الفرد، ويمكن ملاحظة وجودها لدى الأفراد في كل بيئات العمل. وتفترض النظرية وتسمى بنظرية التحديد الذاتي،  أن هذه الحاجات الثلاثة يجب أن يتم إشباعها ليتم تشغيل الدافع الداخلي للعطاء،  او الخصائص الايجابية بصورة صحيحة . 
فحرية الاختيار Autonomy  ، ويقصد بها أن يكون الفرد هو المسؤول عن قرارات أو أداء العمل بما يتوافق مع ذاته. وهذا لايعني بالضرورة أن يكون الفرد مستقلاً عن الآخرين،  بل له مهمات عمل واضحة ومحددة ومستقرة تشعره بذاته. اما الكفاءة Competence وهي أن يستطيع الفرد توقع نتائج عمله وتجربتها ، بما يشعره بالكفاءة والفاعلية . اما الارتباط Relatedness وهي الرغبة في التواصل،  والشعور بالإرتباط بالمحيط حوله،  واستشعار دوره وأهميته عند الآخرين سواء مسؤوله او المحيطين به.  
ترى كم تستطيع هذه النظرية تطوير بيئات العمل ودفعها إلى الافضل اذا طبقت  ؟ كثيرا جدا .