نبض الدار
tahiraallawati@gmail.com
يشغل موضوع الخصخصة صندوق النقد الدولي كثيرا ، وعندما يقدم الصندوق وصفاته الاقتصادية لدول العالم فانه يشترط خصخصة نسبة كبيرة من الاصول الحكومية . لكن هذه الوصفة حسب الاقتصاديين ترتد غالبا سلبا على حكومات الدول بالمزيد من الاعباء المالية المرهقة.
في تجربة للاطلاع على خصخصة المياه في الدول الاوروبية لوحظ من تجارب دول مثل المانيا وايطاليا ارتداد خصخصة قطاع المياه على حكوماتها بالمزيد من الديون ودفع التعويضات المليونية للشركات الدولية التي تدير قطاع المياه لديها، مما زاد الطين بلة .
فقد لوحظ من تجاربها ان الشركات التي نالت عقود المياه تقوم بثلاثة اشياء ، اولها انها تقوم بالحد الادني من العمليات والصرف للابقاء على نظافة ونقاء المياه وجودتها كي تعاظم من ارباحها ، وثانيا لاتعمل وفقا لتخطيط مستقبلي يحافظ على جودة المياه او كمياتها او صيانة الشبكات او تطويرها ،لانها تعرف ان عقودها لاتتجاوز ال٢٠ عاما على الاكثر ، وقد تنال شركة اخرى هذا العقد بعد تلك الفترة ،فلا تصرف على الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع وبنيته التحتية التي تتهالك وتقدم مع الاستهلاك اليومي . الشى الثالث والاهم انها وضعت شرطا جزائيا على حكومات تلك الدول في حال نقص استهلاك سكانها لكمية المياه المؤمل استهلاكها والتي تحددها حكومات تلك الدول في العقد المبرم ، وعندما ينقص استهلاك السكان للمياه - وهو أمر محمود بحد ذاته لانه يدخل في الترشيد - تقوم الشركة بتنفيذ الشرط الجزائي الذي يجعل حكومة تلك الدولة تدفع مئات الملايين من اليورو كتعويضات ، فلم يستفد المستهلك ولا الحكومة من تلك الخصخصة بل زاد العبء المالي على كليهما . وهذا ماحصل بالضبط مع المانيا وايطاليا . فلجأ الناس الى الاحتجاج ورفض الخصخصة واللجوء الى المحكمة الدستورية لاستعادة الدولتين ادارة هذا القطاع بعد تلك التجارب المؤلمة والفاشلة.لكن لايزال صندوق النقد الدولي يدفع الدول وخاصة الدول العربية باتجاه خصخصة الاصول الحكومية بحد أدنى يبلغ ال40% دون اخذ هذه التجارب الفاشلة اقتصاديا للدول والحكومات والسكان في الحسبان. وليس الامر بغريب عندما يدير راسمال هذه الشركات هذا النوع من الهيئات والصناديق ويتحكم بها .
نشر في جريدة عمان في 31 يوليو 2018
tahiraallawati@gmail.com
يشغل موضوع الخصخصة صندوق النقد الدولي كثيرا ، وعندما يقدم الصندوق وصفاته الاقتصادية لدول العالم فانه يشترط خصخصة نسبة كبيرة من الاصول الحكومية . لكن هذه الوصفة حسب الاقتصاديين ترتد غالبا سلبا على حكومات الدول بالمزيد من الاعباء المالية المرهقة.
في تجربة للاطلاع على خصخصة المياه في الدول الاوروبية لوحظ من تجارب دول مثل المانيا وايطاليا ارتداد خصخصة قطاع المياه على حكوماتها بالمزيد من الديون ودفع التعويضات المليونية للشركات الدولية التي تدير قطاع المياه لديها، مما زاد الطين بلة .
فقد لوحظ من تجاربها ان الشركات التي نالت عقود المياه تقوم بثلاثة اشياء ، اولها انها تقوم بالحد الادني من العمليات والصرف للابقاء على نظافة ونقاء المياه وجودتها كي تعاظم من ارباحها ، وثانيا لاتعمل وفقا لتخطيط مستقبلي يحافظ على جودة المياه او كمياتها او صيانة الشبكات او تطويرها ،لانها تعرف ان عقودها لاتتجاوز ال٢٠ عاما على الاكثر ، وقد تنال شركة اخرى هذا العقد بعد تلك الفترة ،فلا تصرف على الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع وبنيته التحتية التي تتهالك وتقدم مع الاستهلاك اليومي . الشى الثالث والاهم انها وضعت شرطا جزائيا على حكومات تلك الدول في حال نقص استهلاك سكانها لكمية المياه المؤمل استهلاكها والتي تحددها حكومات تلك الدول في العقد المبرم ، وعندما ينقص استهلاك السكان للمياه - وهو أمر محمود بحد ذاته لانه يدخل في الترشيد - تقوم الشركة بتنفيذ الشرط الجزائي الذي يجعل حكومة تلك الدولة تدفع مئات الملايين من اليورو كتعويضات ، فلم يستفد المستهلك ولا الحكومة من تلك الخصخصة بل زاد العبء المالي على كليهما . وهذا ماحصل بالضبط مع المانيا وايطاليا . فلجأ الناس الى الاحتجاج ورفض الخصخصة واللجوء الى المحكمة الدستورية لاستعادة الدولتين ادارة هذا القطاع بعد تلك التجارب المؤلمة والفاشلة.لكن لايزال صندوق النقد الدولي يدفع الدول وخاصة الدول العربية باتجاه خصخصة الاصول الحكومية بحد أدنى يبلغ ال40% دون اخذ هذه التجارب الفاشلة اقتصاديا للدول والحكومات والسكان في الحسبان. وليس الامر بغريب عندما يدير راسمال هذه الشركات هذا النوع من الهيئات والصناديق ويتحكم بها .
نشر في جريدة عمان في 31 يوليو 2018
0 تعليقات