نبض الدار

tahiraallawati@gmail.com 

اشاعت بيوت الموضة مقاييس جمالية للمرأة ، اقرب ماتكون الى مقاييس الدمية باربي ، الطول الفارع والجسم النحيل جدا، وألبسة واكسسوارات واحذية وماكياج يجعل من المراة فاترينة متحركة ولو ذهبت محل البقالة لشراء عصير او شطيرة . واشتغلت دور الموضة في تحديد شكل ولون لباس المرأة في مواسم الصيف والشتاء والربيع والخريف، وتسابقت الغربيات في اللهث وراء تلك الموضات والصرعات، فأصبحت النساء نسخا مكررة من بعضها ، وأصبحت قصة الرشاقة الزائد تخفي وراءها قصصا من الامراض النفسية كالانوركسيا والبوليميا ، وقائمة طويلة من الاحباطات اليومية للحفاظ على الرشاقتة الزائدة. الكثيرات من الفتيات والنساء المشرقيات دخلن لعبة اللهاث وراء الموضة وصرعاته على حساب جيوبهن او جيوب أزواجهن .
أرهقت هذه الصورة المتطرفة في النموذجية المرأة الغربية ، وكان الكاسب الاكبر ومايزال دور الازياء وشركات التخسيس ومصانع اغذية التخسيس ، والمجلات النسائية ، وصالونات التجميل وعياداتها  .
لكن خلف هذه المعاناة برزت معاناة اقوى واكبر ، فقد استفحل شعور النقص بالفتيات والنسوة اللاتي لايستطعن الحصول على مقاييس باربي ، او لايستطعن مجاراة الموضة ، فالتي لاتستطيع المجاراة في هذا السباق المحموم ينظر لها الرجال شزرا، ثم المجتمع . فالرجال يختارون تلك ، وشركات الاعمال تفضل تلك ، والمجتمع يمتدح تلك ويسقط هذه . وهكذا فقدت المرأة ثقتها في نفسها وقدراتها وامكانياتها المختلفة ، واصبحت تعيش عقدا نفسية تنطلق من الشعور بالنقص الشديد ، وامتلأت العيادات النفسية بالفتيات التعيسات جدا والمنطويات على انفسهن ، والكارهات للحياة، والمتجهات للكحول والمخدرات لنسيان الواقع التعيس. وبدأت دور السينما وهوليود تعرض افلاما عن هذا الواقع التعيس،  ومنها فيلم " آي فيل بريتي" أشعر أني جميلة . فيلم يعكس معاناة المراة الغربية مع مقاييس جسم وأناقة باربي ، يعكس فقدان الثقة بالنفس وعدم تقبلها ، والآثار المدمرة على حياتها ، ومنها الوظيفة المغمورة والعنوسة والوحدة والاضطراب النفسي، وعدم القبول والنبذ الاجتماعي طوال العمر. 
فهل تم البدء تدريجيا الخروج من هذه الصورة القاتلة للمراة ، والهبوط على ارض الواقع ؟  وهل ستستسلم دور الازياء ، ودور صناعة ملكات جمال العالم والكون ، وعشرات الصحف النسائية والجهات والصالونات التي تكرس هذه الصورة ؟ انها تجارة بالمليارات ، هل يمكن ذلك ؟