tahiraallawati@gmail.com 


    يعلمنا كي نتعلم ونرتقي بحياتنا ، فتمتلئ الآيات القرآنية بالدعوة للتعلم ، كي تنتهي بنا الى قوله تعالى "... إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ."
كلما تعلمنا كلما زدنا تواضعا لله الذي لاينقضي علمه ولاعجائبه ، وزدنا خشية له،  وابتعدنا عن مركزية النفس البغيضة ونظرتها الضيقة ، الى فسحة عظمة الله تعالى في هذا الكون الشامخ والعرش العظيم .فالانسان يطغى أن رآه استغنى اذا كان بعيدا عن الله مثلما ذكر في سورة العلق  ، لكنه عندما يقرأ باسم الله ، ويتعلم بمعية الرب الاكرم؛ فلا يمكن ان يقوده العلم الى الطغيان والفساد في الارض والكون .
ويتفق علماء الشريعة الى ان واحدة من اسباب ارسال الانبياء والرسل الى جانب الهداية البشرية ؛  هو فتح باب التعلم والعلم بعد مواته : "كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ." وأول كلمة نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى مجتمعه الجاهلي كلمة "اقرأ" .
لكن أول جملة قرآنية نزلت كانت" اقرأ باسم ربك الذي خلق" ففصل العلم عن معية الله يؤدي الى كل الكوارث على هذه الارض مثل القنابل الذرية والعنقودية والبيولوجية والحروب المدمرة ؛ حيث تعمل قوة العلم على تدمير العالم بدل تعميره وتقدمه . ولنلقي نظرة على العالم اليوم ؛ العديد من الدول القوية تكتشف الفضاء والكواكب ليس لتحقيق المزيد من التقدم لكوكبنا والبشرية ؛وانما لأجل السكن اذا قامت بالحروب الذرية والنووية التي ستدمر الارض . او لاجل اكتشاف المزيد من مكامن الثروة والقوة التي تزيدهم قوة وطغيانا وتحكما بالآخرين . وبالمقابل تقل الابحاث والدراسات العلمية في مجال تحسين المناخ واستصلاح الاراضي الزراعية والقضاء على الملوحة والتصحر في العالم  ، رغم ان في هذا تقدم ورخاء البشرية أجمع . وبالمقابل يتوزع القتلة الاقتصاديون للمزيد من تدمير مقدرات الشعوب الاضعف والاقل قوة كي لاتنافسهم. "كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى ﴿٦﴾ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى ﴿٧﴾ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ." فالذي يرجع الانسان الى انسانيته هو ايمانه بربه تعالى ، وانه سيعود الى هذا الرب الذي خلقه من علق؛ كي يرى الخير والشر الذي عمله ، وكي يحاسب على ذلك ؛ ان كان خيرا فهو الخير والجنة ، وان كان شرا فهو الشر المتمثل بالجحيم الذي أذاقه للناس في حياته الدنيا. هذه هي المعادلة التي توقف الطغيان البشري ؛ معادلة يوم القيامة التي تصنع التوازن النفسي عند الانسان ؛ فيتصالح مع نفسه والآخرين، ويحقق العدالة في سلوكه وعمله وحياته .

تم رفض نشره في جريدة عمان